فقال بعض المتكلمين من أصحابنا، و من المعتزلة:
العلم بحقيقته في الآن حاصل.
و منهم من منع من ذلك
ثم اختلف القائلون بالمنع في أنه: هل يجوز
أن تصير حقيقته معلومة؟ فمنهم من منع أيضا: كالفلاسفة، و بعض أصحابنا: كالغزالى
[3]، و إمام الحرمين.
و منهم من توقف: كالقاضى أبى بكر، و ضرار
بن عمرو.
و احتج القائلون بالمنع مطلقا بحجج أربع:
الحجة الأولى: أن حقيقته غير متناهية، و
العقل متناه، و إدراك غير المتناهى بالمتناهى؛ محال.
الحجة الثانية: هو أن ذاته و حقيقته مخالفة
بذاتها لسائر الحقائق، و الذوات، و كل ما نعلمه منه: ككونه موجودا، و عالما، و قادرا،
و مريدا إلى غير ذلك من الصفات؛ فغير مانع من وقوع الاشتراك فيها؛ و لهذا يفتقر بعد
معرفة ما له من الصفات إلى بيان وحدانيته، و إذا كانت ذاته مانعة من وقوع الاشتراك
فيها، و كل ما نعلمه منه غير مانع من وقوع الاشتراك فيه؛ فذاته غير معلومة.
[1] انظر المواقف للإيجي ص 310، 311، و
شرح المقاصد للتفتازانى 2/ 91، 92. [2] فى ب (فى ذلك). [3] الغزالى (450 ه- 505 ه) حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد
الغزالى. متكلم، فقيه، أصولى، صوفى، مشارك في أنواع من العلوم. كان الآمدي معنيا بنقده،
و الرد عليه، و إذا ذكر رأيه يقول: قال بعض المتأخرين، و لم يصرح باسمه إلا في هذا
الموضع. و قد تتبعت هذه الآراء، و وضحت نسبتها إلى الغزالى في مواضعها، (وفيات الأعيان
3/ 353 و معجم المؤلفين 11/ 266 و الأعلام 7/ 247).
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 481