اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 162
و «من خرج عن الجماعة، و فارق الجماعة قيد
شبر؛ فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه»، و «من فارق الجماعة و مات، فميتته جاهلية
[1]» إلى غير ذلك من الأخبار. و هذه أخبار مرويّة في الكتب الصحاح، منقولة على لسان
الثقات لم يوجد لها نكير [2].
فإن قيل: يحتمل أنه أراد بذلك العصمة عن
الكفر، أو عن بعض أنواع الخطأ، و بتقدير أن يريد به العصمة عن الكل؛ فظاهر لفظ الأمة
لكل من آمن به إلى يوم القيامة.
و نحن نقول بأن إجماع هؤلاء يكون حجة.
قلنا: أما الأول: فهو تأويل، و تخصيص بغير
دليل، مع أن في الأخبار ما يدرأ هذه التأويلات، حيث أنه أوردها في معرض تخصيص هذه الأمة
بالتعظيم، و التمييز، و في الحمل على بعض أنواع الخطأ، ما يبطل فائدة هذا التخصيص،
لمشاركة بعض آحاد الناس لهم في ذلك.
و أما الثانى: فنعلم أنه ما أراد به كل الأمة
على ما ذكروه،- و لهذا ندب إلى موافقة الجماعة، و ذمّ على المخالفة، و تواعد عليه.
و لو كان المراد بالجماعة كل الأمة؛ لما تحقق ذلك إلى يوم القيامة؛ بل إنما أراد من
يتصور منه الموافقة و المخالفة: و هم أهل الحل و العقد دون الصبيان، و المجانين، و
من ليس له أهلية الموافقة، و لا المخالفة.
قولهم: إن الخطأ متصور على كل واحد منهم
حالة الانفراد.
قلنا: الحكم الثابت للأفراد، لا يلزم أن
يكون ثابتا للجملة./
[1] ورد في ب (من فارق الجماعة قامت قيامته
جاهلية). [2] و قد أورد السيوطى بعضها في الجامع
الصغير بلفظ (إن الله تعالى قد أجار أمتى أن تجتمع على ضلالة) عن أنس و رمز له بالضعف،
و لم يذكر من خرجه. انظر الجامع الصغير ج 1 حديث رقم 1760. و بلفظ (إن الله تعالى لا
يجمع أمتى على ضلالة و يد الله على الجماعة من شذ شذ في النار) أخرجه الترمذي عن ابن
عمر، و رمز له السيوطى بالحسن. الجامع الصغير ج 1 رقم 1818. تحقيق محمد محى الدين-
المكتبة التجارية.
و قد أورد الآمدي هذه الأحاديث في كتابه
الإحكام ص 162، 163 مقدما لها بقوله: «و أما السنة و هى أقرب الطرق في إثبات كون الإجماع
حجة قاطعة، فمن ذلك ما روى أجلاء الصحابة، كعمر، و ابن مسعود، و أبى سعيد الخدرى، و
أنس بن مالك، و ابن عمر، و أبى هريرة، و حذيفة بن اليمان، و غيرهم. بروايات مختلفة
الألفاظ متفقة المعنى في الدلالة على عصمة هذه الأمة عن الخطأ، و الضلالة.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 162