إحداهما: أن قوله(عليه السلام)«لا بأس» نفي له عما أخذه السائل في كلامه
من القيود، ومعناه أنه لا بأس بما فرضته من وطء الموضع الذي ليس بنظيف مع
وطء المكان النظيف بعده، وهذا في الحقيقة بمنزلة أخذ القيود المذكورة في
كلام الإمام(عليه السلام).
و ثانيتهما: أن نفي البأس في كلامه(عليه السلام)قد علّق على ما إذا كان
خمسة عشر ذراعاً، والضمير في قوله«كان» يرجع إلى المكان النظيف أي لا بأس
إذا كان المكان النظيف خمسة عشر ذراعاً. ونحن وإن ذكرنا أن التحديد بذلك من
جهة أن الغالب توقف زوال العين بالمشي خمسة عشر ذراعاً، إلّا أن
تعليقه(عليه السلام)عدم البأس على ما إذا كان المكان النظيف كذلك يرجع بحسب
اللب إلى أنه لا بأس إذا كان المكان النظيف بمقدار تزول عنه العين بالمشي
عليه، فاذا لم يكن المكان النظيف بهذا المقدار انتفى المعلق عليه وهو عدم
البأس لا محالة. (1)لرواية محمد الحلبي: «أ ليس تمشي بعد ذلك في أرض
يابسة»{2}و رواية المعلّى ابن خنيس: «أ ليس وراءه شيء جاف»{3}و
هما يقتضيان اعتبار الجفاف في الأرض وعلى ذلك فالأرض الرطبة مسرية كانت أم
لم تكن لا تكون مطهّرة لشيء إلّا أن تكون الرطوبة قليلة بحيث يصدق معها
الجفاف، ويصح أن يقال إن الأرض يابسة لأنها غير مضرة حينئذ.
هذا، ولكن الروايتين ضعيفتان، فانّ في سند إحداهما المفضل بن عمر والراوي
في الثانية المعلى بن خنيس، وهو وإن كنّا نعتمد على رواياته إلّا أن الصحيح
أن الرجل ضعيف لا يعوّل عليه، ومعه لا يمكن الاستدلال بهما على اعتبار
الجفاف في الأرض فلا مانع على ذلك من الالتزام بمطهّرية الأرض الندية
بمقتضى الإطلاقات. نعم إذا