وعليه
فلابدّ من الالتزام بسقوط الخيار في المقام مطلقاً لتحقّق الافتراق المسقط
بحكم الاطلاق ، وإنّما خرجنا عنه في خصوص ما إذا كان كل واحد منهما مكرهاً
على الافتراق ، وفي غير هذه الصورة لابدّ من التمسك بالاطلاق وهو يقتضي
سقوط الخيار بمجرد الافتراق.
وإن كان دليل اشتراط الافتراق بالرضا هو الانصراف والتبادر أو صحيحة الفضيل
أو حديث رفع الاكراه ، فالظاهر أنه لابدّ من القول حينئذ ببقاء الخيار في
كل واحد من المكره والمختار ، وذلك لأنّ الافتراق أمر وحداني سواء قلنا إنه
أمر وجودي أو قلنا إنه أمر عدمي وهو عدم الاجتماع ، غاية الأمر أنه من
الأعدام والملكات لا من الأعدام الصرفة ، وهذا الأمر الوحداني من الأعراض
النسبيّة المتضايفة فيحتاج إلى طرفين كالاُبوّة والبنوّة فإذا قلنا إن
زيداً افترق فمعناه أنّ طرفه الذي هو عمرو قد اتّصف أيضاً بالافتراق ، ولا
يعقل أن يكون أحد المجتمعين مفترقاً دون الآخر ، لأنّه كالاتّصال والانفصال
فإذا انفصل أحدهما فالآخر أيضاً منفصل ، ولا معنى لانفصال أحدهما واتّصال
الآخر ، كما لا يعقل أن يكون هذا إبناً لزيد ولا يكون زيد أباً له.
فإذا كان الافتراق أمراً واحداً قائماً بطرفين فنقول: إنّ هذا الأمر الواحد
القائم بطرفين قد قيّد بالرضا بحكم الانصراف ، فإذا افترق أحدهما بالاكراه
فلم يحصل الافتراق عن رضا الذي هو الغاية للخيار ، فإذا لم يكن أحدهما
مفترقاً فالآخر أيضاً ليس مفترقاً ، لأنه أمر واحد قائم بشخصين ، ولا يعقل
أن يكون هذا غير مفترق والآخر مفترقاً ، وهذا ظاهر.
وكذا الحال فيما إذا كان المدرك صحيحة الفضيل لأنّها قد قيّدت الافتراق بما
إذا كان عن رضاهما ، فإذا كان افتراق أحدهما عن إكراه فلا محالة لم تحصل
الغاية للخيار وهي الافتراق عن رضاهما ، فإذا لم يكن أحدهما متّصفاً
بالافتراق فالآخر