للقصر
بأربعة فراسخ ذاهباً وجائياً ، والتحديد في الكر والتحديد في الزكاة أعني
مقدار النصاب يتوقف على دليل لا محالة وهو مفقود في المقام. الثالث: ما ذكره بعضهم من أنّ الافتراق إنما يوجب
سقوط الخيار فيما إذا صدق عليه الافتراق عرفاً ، وهو إنّما يتحقّق فيما
إذا تفرّق عن الآخر بقصد الاعراض عن المجلس ، وأمّا مجرد الافتراق ولو بقصد
أمر آخر بخطوة أو أكثر فضلاً عن الافتراق بمقدار شبر أو شعرة فلا يصدق
عليه الافتراق عرفاً.
وهذا الوجه هو الصحيح ، وذلك لأنّ المراد بالافتراق في الروايات ليس هو
الافتراق في مقابل الاتّصال ، لأنّ المتبايعين لا يكونان متّصلين متلاصقين
حال المعاملة بحسب العادة والغالب ، إذ لا أقل من أن يكون بينهما فاصل
بمقدار شبر أو أكثر ، فالافتراق الدقّي العقلي حاصل من الابتداء ولا معنى
للافتراق بعد ذلك لأنّه من تحصيل الحاصل المحال{1}
بل المراد بالتفرّق افتراق أحدهما عن مكان المعاملة عرفاً ، لما عرفت من
أنّ الافتراق العقلي حاصل بنفسه والافتراق عرفاً إنما يصدق فيما إذا تفرّق
أحدهما عن الآخر بقصد الاعراض عن المجلس ، وأمّا الافتراق بخطوة أو بشبر بل
بخطوتين أو أكثر فهو وإن كان افتراقاً حقيقة إلّاأنّ العرف لا يراه
{1}
ولا يخفى أنّ عدم إمكان إرادة الافتراق العقلي لا يقتضي إرادة الافتراق
العرفي لعدمانحصار الأمر بهما ، لصحة إرادة الافتراق العقلي عمّا بينهما
من البعد حال المعاملة ، فإذا فرضنا بُعدهما حال المعاملة بشبر فالافتراق
عن هذا المقدار ولو بابرة يوجب سقوط الخيار ومع هذا لا تصل النوبة إلى
إرادة المعنى العرفي هذا ، مضافاً إلى أنه (دام ظلّه)
إنّما اعتبر الافتراق عن مكان المعاملة والافتراق عن مكانها عقلاً أمر
ممكن ، ومعه لا وجه لحمله على المعنى العرفي مع وضوح أنّ تطبيق المفاهيم
على مصاديقها بيد العقل ، ولا مجال للنظر العرفي في التطبيقات بعد وضوح
مفهوم الافتراق