المبطلة أحد هذين الأمرين. ومن المعلوم عدم انطباق شيء منهما على المقام.
أمّا الأوّل فظاهر، إذ بعد فرض إحراز الصحّة وتبيّن الموافقة مع الواقع لم يبق مجال للشكّ كي تنتهي النوبة إلى قاعدة الاشتغال.
و كذا الثاني، لوضوح أنّ الشكّ كالظنّ والقطع من أقسام الالتفات ومترتّب
عليه، فإنّها من الأُمور الوجدانية، وليس للشكّ واقع يتعلّق به الالتفات
تارة وعدمه اُخرى، بل هو متقوّم به في تحقّقه، وعليه فمع الغفلة لا التفات
فلا شكّ فلم يتحقّق المضيّ على الشكّ ممّن فرض غفلته عن شكّه كي يستوجب
البطلان.
و مع الغضّ عن ذلك وتسليم وجود واقعي للشكّ مستلزم لصدق المضيّ عليه فإنّما
يستوجب البطلان في خصوص الشكوك الباطلة التي ورد فيها المنع عن المضيّ على
الشكّ كالشكّ في الأُوليين أو في الثنائية والثلاثية{1}التي
هي من فرائض اللََّه، دون ما عداها ممّا لم يرد فيها ذلك كالشكّ بين
الرابعة والخامسة حال الركوع، فانّ مستند البطلان في مثل ذلك إنّما كان
إطلاق صحيحة صفوان كما مرّ{2}. فلا دليل على البطلان في مثله بعد فرض تبيّن الصحّة.
و على الجملة : فشيء من مستندي الفساد في الشكوك الباطلة غير منطبق على المقام. فالمتّجه هو الحكم بالصحّة كما عرفت.
هذا كلّه فيما لو شكّ وغفل وأتمّ ثمّ تبيّنت الموافقة للواقع كما هو مفروض
المسألة، وأمّا لو لم يتبيّن بل التفت بعد ما فرغ وشكّ فلا ينبغي الإشكال
في البطلان عملاً بقاعدة الاشتغال، لعدم كون المقام مجرى لقاعدة الفراغ
إمّا لاختصاصها بالشكّ الحادث بعد الفراغ وهذا هو الشكّ السابق بعينه وقد
عاد أو لاختصاصها بالشكّ في الصحّة الناشئ من احتمال الغفلة، وفي المقام
متيقّن