اسم الکتاب : منظومة حقوق العترة النبوية بين التطبيق والنظرية المؤلف : المدني، محمد هاشم الجزء : 1 صفحة : 80
وعلاقته بالرسالة، وهذا بدوره يتوقف على تحديد طبيعة الاستثناء الوارد في الآية { إِلاَّ المَوَّدَّةَ فِي القُرْبَى } هل هو استثناء منقطع أو متصل؟ وبحسبه تختلف الإجابة، فإذا قلنا: إنّ الاستثناء منقطع فمعنى ذلك أن الآية مكوّنة من جملتين منفصلتين:
الأولى { قُلْ لاَ أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } ثم يستأنف القول بجملة ثانية، { إِلاَّ المَوَّدَّةَ فِي القُرْبَى } أي لكن أسألكم المودّة في القربى، وهي جملة لا علاقة لها بالجملة السابقة، وله في الكتاب الكريم نظائر، كما في قوله تعالى: { فَسَجَدَ المَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أجْمَعُونَ * إلاّ إبْلِيْس}[1]، ومعناه لكن إبليس لم يسجد، وهي جملة جديدة كما ترى لا علاقة لها بالسابقة، لأن إبليس ليس من الملائكة، فعليه تكون الشبهة قد انتفت من أصل، لانتفاء موضوعها، وهذا ما ذهب إليه الشيخ المفيد في ردّه على ذات الشبهة، قال: ( ليس الأمر على ما ظننت لما قدمناه من حجة العقل والقرآن، والاستثناء في هذا المكان ليس هو من الجملة، ولكنه استثناء منقطع، ومعناه قل لا أسألكم عليه أجراً ولكني ألزمكم المودة في القربى، وأسألكموها، فيكون قوله: { قُلْ لاَ أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } كلاماً تاماً، قد استوفى معناه، ويكون قوله: (إلاّ المودة في القربى) كلاماً مبتدأَ، فائدته لكن المودة في القربى سألتكموها)[2].
وذهب جمع من مفسّري أهل السنّة إلى أنّه استثناء منقطع، منهم: الطبري والزمخشري وابن عطية الأندلسي والقرطبي وأبو حيان الأندلسي والرازي في أحد قوليه والآلوسي[3] وغيرهم.