وأمّا في يوم أحد ما كان من عمر إلاّ الانهزام! ففرّ مع كبار الصحابة من ساحة الحرب، مخلفين رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وحيداً لايذب عنه إلاّ أخاه ووصيه الإمام عليّ(عليه السلام) ونفر ممن جاء بعد ذلك، وقد غمزه النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في الحديبية فقال له: " أنسيتم يوم أحد! إذ تصعدون ولاتلوون على أحد، وأنا أدعوكم في أخراكم "[2].
ولو ثبتت شجاعة عمر في الميادين ـ على اختلافها ـ لما كان يقرّ على نفسه بالفرار قائلاً: " لمّا كان يوم أحد هزمنا، ففررت حتى صعدت الجبل، فلقد رأيتني أنزو كأنني أروى "[3]!.
وكذا عندما جاءته امرأة مسلمة ومعها بنت لعمر ـ أيام خلافته ـ تطلبان برداً من أبراد كانت بين يديه، فأعطى المرأة وردّ إبنته، فقيل له في ذلك؟ فقال: " إنّ أبا هذه ثبت يوم أحد، وأبا هذه فرّ يوم أحد ولم يثبت "[4]!.
وقد سجل هروبه هذا جمع من أعلام العامة ـ على اختلاف مشاربهم ـ كالجاحظ[5]، والسيوطي[6]، والشوكاني[7]، فضلا عن الذين ذكروا من ثبت عند النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يوردوا اسم عمر.
[1] أنظر: صحيح مسلم، باب غزوة بدر: 3 / 1403 (1779)، مسند أحمد: 3 / 219 (13320).
[2] أنظر: المغازي للواقدي: 2 / 609، شرح النهج لابن أبي الحديد: 15 / 24.
[3] أنظر: الدر المنثور للسيوطي: 2 / 88، كنز العمال: 2 / 376 (4291)، شرح النهج لابن أبي الحديد: 15 / 22، وقد ذكره بلفظ آخر.