يجب أن لا ننساه وهو أنّ بعض الجهلة من أهل السُنّة أرادوا بنقلهم النصوص السابقة، وإثارتهم لهذه المسألة بين الحين والآخر، التأكيد على وقوع هذا الزواج من أُمّ كلثوم، اعتقاداً منهم بأنّ ذلك سيفيد معتقدهم ويبلور أطروحتهم، في حين أنّ الأمر لم يكن كذلك، وأنّه إن دل على شيء فقد دلّ على ما يسيء إلى الخليفة ويشوّه صورته وموقعه بين المسلمين، لأنّ تلك النصوص لا تشير إلاّ إلى الأهواء الجامحة في نفس عمر بن الخطّاب، وخصوصاً لو وقفت على مقولته:
ما بقي شيء من أمر الجاهلية إلاّ أنّي لست أبالي أيَّ الناس نكحتُ وأيهم أَنكحتُ[1].
ومثله ما قالته له زوجته ـ حينما كان يريد الحاجة ـ:
إنّ دعوى القرابة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعيدة عن واقع الأمور، فإن نفسيّة عمر تؤكّد شيئاً آخر، حسبما عرفته من النصوص السابقة، وباعتقادي أنّ تناقل هذه النصوص هي إساءة لعمر أكثر من كونها مكرمة أو فضيلة له.
نعم، إنّهم رجوا من نقلهم نصوص التزويج أن تتحول الكراهية بين
[1] الطبقات الكبرى لابن سعد 3: 289، كنز العمال 16: 534 ح 45787 (عب، وأبو سعيد).
[2] المصنّف لعبدالرزاق 7: 303، المعجم الكبير 9: 338، مجمع الزوائد 4: 304 عن الطبراني والحديث عن عمر، تاريخ دمشق 69: 189.