وليس ببعيد أن يكون سببه الإكراه والجبر، لأنّ تاريخ السلطويين حدّثنا بوقوع مثل ذلك الإكراه كثيراً، وإليك مثالين لذلك:
الأوّل: أكره الحجّاج الثقفي أسماء بن خارجه الفزاري، وسعيد بن قيس الهمداني ـ وهما من أنصار عليّ أمير المؤمنين ـ على تزويج ابنتيهما من رجل أوديّ خامل العشيرة من اتباع الحجّاج.
فقد روى ابن الكلبي عن أبيه، عن عبدالرحمن بن السائب، قال: قال الحجّاج يوماً لعبد الله بن هاني، وهو رجل من بني أَوْد ـ حي من قحطان ـ:... والله ما كافأتك بعد! ثمّ أرسل إلى أسماء بن خارجة سيّد بني فزارة: أن زَوَّجْ عبدالله بن هاني بابنتك.
فقال: لا والله ولا كرامة!
فدعا بالسياط.
فلما رأى الشرّ قال: نعم أزوجه.
ثمّ بعث إلى سعيد بن قيس الهمداني ـ رئيس اليمانية ـ: زوِّج ابنتك من عبدالله بن أود.
فقال: ومن أوْد! لا والله لا أزوجه ولا كرامة!
فقال: عليّ بالسيف.
فقال: دَعني حتى أشاور أهلي، فشاورهم، فقالوا: زَوِّجه! ولا تعرض نفسك لهذا الفاسق، فزوجَّه.
فقال الحجّاج لعبدالله: قد زوّجتك بنت سيد فزارة وبنت سيد همدان وعظيم كهلان، وما أوْدُ هناك!