عجباً لك أيها الإنسان ولا يكاد ينقضي فيك العجب، ما اجهلك في علمك، بل ما اجهلك بجهلك ما سعدت إلاّ وشقيت، وما ارتقيت إلاّ وهويت، بينا تجد الإنسان قد اتسعت معارفه، واعتدلت مداركه واستقامت قرايحه، وقلتَ قد أخذ من العرفان بحظ، ومن الاستنارة بقسط، ومن الصواب بنصاب، وجمع بين طرفي الامانة والمتانة، والحصافة والحصانة، ورسخت في المزالق اقدامه، واعتادت على نسخ الحقائق اقلامه، فلا تلتبس عليه الغامضة، ولا تلتاث دونه العويصة، ولا تضيع في أوهامه الحقيقة، بينا انت منه على ذلك أو مثله، إذ بك تراه يتخبط في ظلمات الأوهام، ويتورط في لجج اللجاج، يمشي في ضاحية وكأنما يمشي في حنادس الظلم لا يزيده كثرة السير إلاّ بعداً، يتقدم القهقرى، ويسير معكوساً سير السرطان إلى ورا، رفعت بالأمس إلي مجلة (المشرق) في عددها الثاني من سنتها الحادية عشرة فوجدت في فاتحتها هذا العنوان (البرهان الصريح، في اثبات الوهية المسيح) رداً من منشئها (لويس شيخو اليسوعي) على مجلة (المنار)