أمّا النصّ ، فلو كان ثابتا لكان معلوما على وجه لا يحسن الخلاف فيه ، لعموم بلواه ، وتوفّر الدواعي على نقله ، وقوّة البواعث على روايته لولاية المختار ، وانبساط يده ، وكثرة أعوانه ، والنفع العظيم به ، وعدم التحرز فيه ، بعكس ما حصل في النصّ على أمير المؤمنين 7 وصفة متولّيه ، وإذا فقد العلم به سقط دعوى ثبوته.
وليس لأحد أن يدّعي النصّ على الاختيار بما روي عنه 7 أنه قال! : إن تولّوها أبا بكر تجدوه [١] قويّا في دينه ضعيفا في بدنه ، وإن تولّوها عمر تجدوه قويّا في دينه قويا في بدنه ، وإن تولّوها عثمان يوسعكم مالا ، وإن تولّوها عليّا تجدوه هاديا مهديّا.
لأن فقد العلم بهذا الخبر دليل على افتعاله ، لما ذكرناه من قوّة الدواعي إلى نقل ما يعضد مذاهب القائلين بالاختيار ، وانتفاء الصوارف [٢] عنه.
والّذي يدلّ على فساده أمور :
منها : أنه يتضمّن وصف الرجلين بالقوّة ، مع حصول العلم بانتفائها [ عنهما ] من علم أو عبادة أو شجاعة ، حسب ما قدّمناه ، فيصير كذبا لا يجوز على النبي 9.
ومنها : أنّه لو كان ثابتا لاحتجّ به أبو بكر يوم السقيفة على الأنصار ، فهو أبلغ من قوله : نحن المهاجرون الأوّلون ، ونحن من قريش ، وهم عترة النبي 9 ، ولمّا لم يفعل ثبت أنّ الخبر مخرص [٣].
ومنها قوله : قد اخترت لكم احد الرجلين ، يعني : عمر وأبا عبيدة ، ولو كان الخبر صحيحا لوجب أن يقول : قد اخترت لكم احد الرجلين : عليّا أو عمر ، إذ أخذ
[١] في النسخة : « بحدوده » ، وكذا في الموارد الآتية. [٢] في النسخة : « العوارف ». [٣] كذا في النسخة.
والخرّاص : الكذاب ، وقد خرص يخرص بالضم خرصا ، وتخرّص : أي كذب. الصحاح ٣ : ١٠٣٥ خرص.