اسم الکتاب : تصحيح القراءة في نهج البلاغة المؤلف : البغدادي، الشيخ خالد الجزء : 1 صفحة : 260
الكريمة : ( وَمَا
تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ )
هو : طلب العلم بمجهول ؛ فينسب بذلك الجهل لله سبحانه ؟! تعالىٰ الله عن ذلك.
فللاستفهام أغراض متعدّدة يطلبها
المتكلّم في كلامه ، ويبقىٰ تعيين الغرض يستند إلىٰ القرينة ودلائل المقام.
والاستفهام في حديث الإمام الصادق عليهالسلام المذكور يرد مورد
تنبيه وتعليم الإمام عليهالسلام
الحذر لأصحابه ، بأن لا يتكلّم أحدهم كلاماً ككلامه عليهالسلام
في مثل هذه الأُمور وهناك مَن يتجسّس عليه ممّن لا يأمن شرّه وفتنته من أهل
الخلاف ، أو من ضعيفي الإيمان ، ممّن تنقدح الشبهات في ذهنه لأدنىٰ عارض.
وفي الرواية نفسها قرينة دالّة
علىٰ علم الإمام عليهالسلام
بما سأل عنه ؛ لأنّ الرواي صرّح بقوله : التفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحداً. فممّا لا شكّ فيه أنّ الإمام عليهالسلام
كان يرىٰ ما علىٰ يمين مخاطبيه ويسارهم ، وإنّما سألهم ذلك ليعلّمهم الحذر من الدخلاء عندما يتكلّمون بالعلوم الخاصة.
وهذا الحذر من اطّلاع الناس غير
المؤهّلين علىٰ بعض العلوم تؤكّده سيرة الأئمّة عليهمالسلام
؛ فها هو عليّ عليهالسلام
يقول : « اندمجت علىٰ مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوىٰ البعيدة » [١].
وقال عليهالسلام
لكميل بن زياد : « إنّ ها هنا لعلماً جمّاً ـ وأشار بيده إلىٰ صدره ـ لو
أصبت له حملة ! بلىٰ أصبت لقناً غير مأمون عليه ، مستعملاً آلة الدين
للدنيا ، ومستظهراً بنِعم الله علىٰ عباده ، وبحججه علىٰ أوليائه
، أو منقاداً لحملة الحقّ ، لا بصيرة له في أحنائه ، ينقدح الشكّ في قلبه
لأوّل
[١] نهج البلاغة ـ تعليق
الشيخ محمّد عبده ـ ١ / ٤١ ; والأرشية : جمع رشاء ، بمعنىٰ : الحبل. والطوىٰ : جمع طوية ، بمعنىٰ : البئر.
اسم الکتاب : تصحيح القراءة في نهج البلاغة المؤلف : البغدادي، الشيخ خالد الجزء : 1 صفحة : 260