إنّ المعنىٰ الوارد في الرواية
يطابق تماماً ما نقلناه سابقاً عن الطبراني في المعجم
الكبير ، والرافعي في المسند
، وما ذكره المتّقي الهندي في كنز
العمّال ، إلاّ أنّ الّذي غاب عن الدليمي
إدراكه هنا بأن ليس كلّ استفهام يرد في الكلام يكون المراد منه طلب العلم
بمجهول ، فالاستفهام قد يرد لمطالب وغايات كثيرة غير طلب العلم والمعرفة ;
كما هو مفصّل في علم البلاغة.
قال الهاشمي في جواهر البلاغة
: وقد تخرج ألفاظ الاستفهام عن معناها الأصلي ( وهو طلب العلم بمجهول )
فيستفهم بها عن شيء مع ( العلم به ) ؛ لأغراض أُخرىٰ تُفهم من سياق الكلام
ودلالته. ومن أهمّ ذلك :
١ ـ الأمر ؛ كقوله تعالىٰ : ( فَهَلْ
أَنتُم مُّنتَهُونَ )
، أي : انتهوا.
٢ ـ النهي ؛ كقوله تعالىٰ : (
أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ ) ، أي : لا تخشوهم ! فالله أحقّ أن تخشوه ...
إلىٰ آخر الأغراض ، الّتي عدّ
منها الهاشمي في كتابه ما يقرب من عشرين غرضاً ، كـ : التسوية ، والنفي ،
والإنكار ، والتشويق ، والاستئناس ، والتقرير ، والتهويل ، وغيرها [٢]
...
فهل يستطيع أحد أن يقول : إنّ المراد من
الاستفهام الوارد في الآية