بني عمرو بن عوف، فو اللّه إني لفي رأس نخلة أعمل لصاحبي فيها و صاحبي تحتي جالس إذ أقبل ابن عمّ له من يهود فقال: يا فلان قاتل اللّه بني قيلة، إنهم مقبلون على رجل بقباء، قدم من مكة يزعمون أنه نبي، فو اللّه ما هو إلا أن قالها فأخذني العرواء، و رجعت حتى ظننت لأسقطن على صاحبي، و انتفض منه جسدي، حتى ما يكاد شيء يمسك مني شيئا، فنزلت سريعا، فقلت: يا سيدي ما الذي يقول؟ فغضب مما رأى، قال: فرفع يده فضربني بها ضربة شديدة ثم قال: ما لك و لهذا؟ أقبل على عملك، قال: قلت: لا شيء، سمعت شيئا أحببت أن أعلمه، قال:
أقبل على شأنك، فسكت عنه و أقبلت على عملي، فلما أمسيت جمعت ما كان عندي ثم خرجت حتى أتيت رسول اللّه (صلى الله عليه و سلم) و هو بقباء، فدخلت عليه و كلمته، و معه نفر من أصحابه فقلت: إنه بلغني أنك رجل صالح، و إن معك أصحاب لك، و إنهم أهل حاجة و غربة، و قد كان عندي شيء وضعته للصدقة من طعام يسير فجئتكم به و هو هذا، فقربته إليه، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه و سلم): كلوا و أمسك يده، و أبى أن يأكل، فقلت في نفسي: هذه واحدة مما وصفه لي فلان، ثم رجعت، و تحول رسول اللّه (صلى الله عليه و سلم) إلى المدينة، فجمعت شيئا ثم جئته فسلمت عليه ثم قلت: هذا شيء كان عندي أحببت أن أكرمك به، و هي هدية، أهديتها لك بكرامة و ليس بصدقة، فإني رأيتك لا تأكل الصدقة، فأمر رسول اللّه (صلى الله عليه و سلم) أصحابه فأكلوا و أكل معهم، فقلت في نفسي: هاتان اثنتان.
قال: ثم رجعت فمكثت ستا ثم جئته و هو ببقيع الغرقد و قد مشى قوله: «العرواء»: