و من علاماتهم أيضا: أنه يوجد لهم- قبل الوحي- خلق الخير و الزكاة، و مجانبة المذمومات و الرجس أجمع.
و هذا هو معنى العصمة. و كأنه مفطور على التنزه عن المذمومات و المنافرة لها. و كأنها منافية لجبلّته.
و في الصحيح: أنه حمل الحجارة و هو غلام، مع عمه العباس، لبناء الكعبة، فجعلها في إزاره، فانكشف، فسقط مغشيا عليه، حتى استتر بإزاره، و دعى إلى مجتمع وليمة فيها عرس و لعب. فأصابه غشي النوم إلى أن طلعت الشمس، و لم يحضر شيئا من شأنهم، بل نزّهه اللّه عن ذلك كله، حتى إنه- بجبلّته- يتنزه عن المطعومات المستكرهة.
فقد كان (صلّى اللّه عليه و سلّم)، لا يقرب البصل و الثوم، فقيل له في ذلك، فقال: «إني أناجي من لا تناجون».
و انظر، لمّا أخبر النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) خديجة رضي اللّه عنها، بحال الوحي أول ما فجأه و أراد اختباره.
فقالت: اجعلني بينك و بين ثوبك، فلما فعل ذلك، ذهب عنه.
فقالت: إنه ملك، و ليس بشيطان، و معناه: أنه لا يقرب النساء.
و كذلك سألته عن أحبّ الثياب إليه أن يأتيه فيها.
فقال البياض و الخضرة.
فقالت: إنه الملك.
يعني: أن البياض و الخضرة من ألوان الخير و الملائكة. و السواد من ألوان الشر و الشياطين، و أمثال ذلك.
اسم الکتاب : دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة المؤلف : أبو بكر البيهقي الجزء : 0 صفحة : 16