responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 91

كان هذا أول وقوع نواة الإسلام في قلبه، لكن كانت قشرة النزعات الجاهلية، و العصبية التقليدية، و التعاظم بدين الآباء هي غالبة على مخ الحقيقة التي كان يتهمس بها قلبه، فبقي مجدا في عمله ضد الإسلام، غير مكترث بالشعور الذي يكمن وراء هذه القشرة.

و كان من حدة طبعه و فرط عداوته لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) أنه خرج يوما متوشحا سيفه، يريد القضاء على النبي (صلّى اللّه عليه و سلم)، فلقيه نعيم بن عبد اللّه النحام العدوي‌ [1]، أو رجل من بني زهرة [2]، أو رجل من بني مخزوم‌ [3] فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدا قال: كيف تأمن من بني هاشم و من بني زهرة و قد قتلت محمدا؟ فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبوت و تركت دينك الذي كنت عليه، قال: أ فلا أدلك على العجب يا عمر! إن أختك و ختنك قد صبوا، و تركا دينك الذي أنت عليه، فمشى عمر دامرا حتى أتاهما، و عندهما خباب بن الأرث، معه صحيفة فيها طه‌ يقرئهما إياها- و كان يختلف إليهما و يقرئهما القرآن- فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت، و سترت فاطمة- أخت عمر- الصحيفة، و كان قد سمع عمر حين دنا من البيت قراءة خباب إليهما، فلما دخل عليهما قال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ فقالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا. قال: فلعلكما قد صبوتما. فقال له ختنة: يا عمر أ رأيت إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على ختنة فوطئه وطأ شديدا. فجاءت أخته فرفعته عن زوجها فنفحها نفحة بيده، فدمى وجهها- و في رواية ابن إسحاق أنه ضربها فشجها- فقالت- و هي غضبى-: يا عمر إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا اللّه، و أشهد أن محمدا رسول اللّه.

فلما يئس عمر، و رأى ما بأخته من الدم ندم و استحى، و قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه، فقالت أخته: إنك رجس، و لا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام فاغتسل، ثم أخذ الكتاب، فقرأ: «بسم اللّه الرحمن الرحيم‌» فقال: أسماء طيبة طاهرة. ثم قرأ: طه‌ حتى انتهى إلى قوله: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي، وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي‌ فقال: ما أحسن هذا الكلام و أكرمه؟ دلوني على محمد.


[1] و هذا على رواية ابن إسحاق، انظر ابن هشام 1/ 344.

[2] روى ذلك أنس بن مالك رضي اللّه عنه. انظر تاريخ عمر بن الخطاب ص 10، و مختصر سيرة الرسول الشيخ عبد اللّه بن محمد النجدي ص 103.

[3] روى ذلك ابن عباس انظر المصدر الأخير ص 102.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 91
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست