responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 406

و الشام، ففاقوهم في تخطيط الحروب و إدارة دفة القتال، حتى استطاعوا إجلاءهم من أرضهم و ديارهم و أموالهم من جنات و عيون، و زروع و مقام كريم، و نعمة كانوا فيها فاكهين.

كما استطاع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بفضل هذه الغزوات، أن يوفر السكنى و الأرض و الحرف و المشاغل للمسلمين، حتى تفصى من كثير من مشاكل اللاجئين الذين لم يكن لهم مال و لا دار، و هيأ السلاح و الكراع و العدة و النفقات، حصل على كل ذلك من غير أن يقوم بمثقال ذرة من الظلم و الطغيان و البغي و العدوان على عباد اللّه.

و قد غير أغراض الحروب و أهدافها التي كانت تضطرم نار الحرب لأجلها في الجاهلية، فبينما كانت الحرب عبارة عن النهب و السلب و القتل و الإغارة و الظلم و البغي و العدوان، و أخذ الثأر، و الفوز بالوتر، و كبت الضعيف، و تخريب العمران، و تدمير البنيان، و هتك حرمات النساء، و القسوة بالضعاف و الولائد و الصبيان و إهلاك الحرث و النسل، و العبث و الفساد في الأرض- في الجاهلية- إذ سارت هذه الحرب- في الإسلام- جهادا في تحقيق أهداف نبيلة، و أغراض سامية و غايات محمودة، يعتز بها المجتمع الإنساني في كل زمان و مكان، فقد صارت الحرب جهادا في تخليص الإنسان من نظام القهر و العدوان. إلى نظام العدالة و النصف، من نظام يأكل فيه القوي الضعيف، إلى نظام يصير فيه القوي ضعيفا حتى يؤخذ منه و صارت جهادا في تخليص المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها و اجعل لنا من لدنك وليا. و اجعل لنا من لدنك نصيرا، و صارت جهادا في تطهير أرض اللّه من الغدر و الخيانة، و الإثم و العدوان إلى بسط الأمن و السلامة و الرأفة و الرحمة و مراعاة الحقوق و المروءة.

كما شرع للحروب قواعد شريفة ألزم التقيد بها على جنوده و قوادها، و لم يسمح لهم الخروج عنها بحال. روى سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إذا أمّر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى اللّه عز و جل، و من معه من المسلمين خيرا، ثم قال: اغزوا باسم اللّه، في سبيل اللّه، قاتلوا من كفر باللّه، اغزوا، فلا تغلوا و لا تغدروا، و لا تمثلوا، و لا تقتلوا وليدا ... الحديث. و كان يأمر بالتيسير و يقول: يسروا و لا تعسروا، و سكنوا و لا تنفروا [1]. و كان إذا جاء قوما بليل لم يغر عليهم حتى يصبح، و نهى أشد النهي‌


[1] صحيح مسلم 2/ 82، 83.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 406
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست