responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 211

النشاط العسكري بين بدر و أحد

إن معركة بدر كانت أول لقاء مسلح بين المسلمين و المشركين، و كانت معركة فاصلة، أكسبت المسلمين نصرا حاسما شهد له العرب قاطبة، و الذين كانوا أشد استياء لنتائج هذه المعركة هم أولئك الذين منوا بخسائر فادحة مباشرة، و هم المشركون، أو الذين كانوا يرون عزة المسلمين و غلبتهم ضربا قاصما على كيانهم الديني و الاقتصادي، و هم اليهود. فمنذ أن انتصر المسلمون في معركة بدر كان هذان الفريقان يحترقان غيظا و حنقا على المسلمين‌ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة:

82] و كانت في المدينة بطانة للفريقين دخلوا في الإسلام حين لم يبق مجال لوقارهم، و هم عبد اللّه بن أبيّ و أصحابه، و لم تكن هذه الفرقة الثالثة أقل غيظا من الأوليين.

و كانت هناك فرقة رابعة، و هم البدو الضاربون حول المدينة، لم يكن يهمهم مسألة الكفر و الإيمان، و لكنهم كانوا أصحاب سلب و نهب، فأخذهم القلق، و اضطربوا لهذا الانتصار، و خافوا أن تقوم في المدينة دولة قوية تحول بينهم و بين اكتساب قوتهم عن طريق السلب و النهب، فجعلوا يحقدون على المسلمين و صاروا لهم أعداء.

و هكذا أحاطت الأخطار بالمسلمين من كل جانب، و لكن هذه الفرق تباينت في سلوكها إزاء المسلمين، و أخذ كل فريق الطريقة التي رآها كفيلة ببلوغ غايته. فبينما كانت المدينة و ما حولها تظاهر بالإسلام، و تأخذ في طريق المؤامرات و الدسائس و التحرشات و الاستفزازات، كانت فرقة من اليهود تعلن بالعداوة، و تكاشف عن الحقد و الغيظ. و كانت مكة تهدد بالضرب القاصم و تعلن بأخذ الثأر و النقمة، و تهتم بالتعبئة العامة جهارا، و ترسل إلى المسلمين بلسان حالها، تقول بأنه:

و لا بد من يوم أغر محجل‌* * * يطول استماعي بعده للنوادب‌

و فعلا، فقد قادت غزوة قاصمة إلى أسوار المدينة عرفت في التاريخ بغزوة أحد، و التي كان لها أثر سيئ على سمعة المسلمين و هيبتهم.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 211
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست