responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 107

سمعت من محمد؟ فقال: ما ذا سمعت؟ تنازعنا نحن و بنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، و حملوا فحملنا، و أعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الركب، و كنا كفرسي رهان، قالوا: لنا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟ و اللّه لا نؤمن به أبدا و لا نصدقه‌ [1].

و كان أبو جهل يقول: يا محمد إنا لا نكذبك و لكن نكذب بما جئت به، فأنزل اللّه:

فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ‌ [2].

و غمزه الكفار يوما ثلاث مرات، فقال في الثالثة: يا معشر قريش، جئتكم بالذبح، فأخذتهم تلك الكلمة، حتى إن أشدهم عداوة يرفؤه بأحسن ما يجد عنده.

و لما ألقوا عليه سلا جذور و هو ساجد دعا عليهم، فذهب عنهم الضحك، و ساورهم الهم و القلق، و أيقنوا أنهم هالكون.

و دعا على عتيبة بن أبي لهب فلم يزل على يقين من لقاء ما دعا به عليه، حتى إنه حين رأى الأسد قال: قتلني و اللّه- محمد- و هو بمكة.

و كان أبيّ بن خلف يتوعده بالقتل. فقال: بل أنا أقتلك إن شاء اللّه، فلما طعن أبيا في عنقه يوم أحد- و كان خدشا غير كبير- كان أبي يقول: إنه قد كان قال لي بمكة: أنا أقتلك. فو اللّه لو بصق علي لقتلني‌ [3]- و سيأتي.

و قال سعد بن معاذ- و هو بمكة- لأمية بن خلف: لقد سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يقول:

إنهم- أي المسلمين- قاتلوك، ففزع فزعا شديدا، و عهد أن لا يخرج عن مكة، و لما ألجأه أبو جهل للخروج يوم بدر اشترى أجود بعير بمكة ليمكنه من الفرار، و قالت له امرأته: يا أبا صفوان، و قد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي؟ قال: لا و اللّه ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا [4].

هكذا كان حال أعدائه (صلّى اللّه عليه و سلم)، أما أصحابه، و رفقاؤه فقد حل منهم محل الروح و النفس، و شغل منهم مكان القلب و العين، فكان الحب الصادق يندفع إليه اندفاع الماء إلى الحدور، و كانت النفوس تنجذب إليه انجذاب الحديد إلى المغناطيس.

فصورته هيولى كل جسم‌* * * و مغناطيس أفئدة الرجال‌


[1] ابن هشام 1/ 316.

[2] ابن هشام 2/ 84.

[3] رواه الترمذي في تفسير سورة الأنعام 2/ 132.

[4] انظر صحيح البخاري 2/ 563.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست