responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 106

عوامل الصبر و الثبات‌

و هنا يقف الحليم حيران، و يتساءل عقلاء الرجال فيما بينهم: ما هي الأسباب و العوامل التي بلغت بالمسلمين إلى هذه الغاية القصوى، و الحد المعجز من الثبات؟ كيف صبروا على هذه الاضطهادات التي تقشعر لسماعها الجلود، و ترجف لها الأفئدة؟ و نظرا إلى هذا الذي يتخالج القلوب، نرى أن نشير إلى بعض هذه العوامل و الأسباب إشارة عابرة بسيطة:

1- [الإيمان باللّه وحده‌]

إن السبب الرئيسي في ذلك أولا و بالذات هو الإيمان باللّه وحده و معرفته حق المعرفة، فالإيمان الجازم إذا خالطت بشاشته القلوب يزن الجبال و لا يطيش، و إن صاحب هذا الإيمان المحكم و هذا اليقين الجازم يرى متاعب الدنيا مهما كثرت و كبرت و تفاقمت و اشتدت- يراها في جنب إيمانه- طحالب عائمة فوق سيل جارف جاء ليكسر السدود المنيعة و القلاع الحصينة، فلا يبالي بشي‌ء من تلك المتاعب، أمام ما يجده من حلاوة إيمانه و طراوة إذعانه و بشاشة يقينه‌ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً، وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ‌ [الرعد: 17].

و يتفرع من هذا السبب الوحيد أسباب أخرى تقوي هذا الثبات و المصابرة و هي:

2- قيادة تهوي إليها الأفئدة

، فقد كان النبي (صلّى اللّه عليه و سلم)- و هو القائد الأعلى للأمة الإسلامية بل و للبشرية جمعاء- يتمتع من جمال الخلق و كمال النفس، و مكارم الأخلاق، و الشيم النبيلة و الشمائل الكريمة، بما تتجاذب إليه القلوب، و تتفانى دونه النفوس، و كانت أنصبته من الكمال الذي يعشق لم يرزق بمثلها بشر، و كان على أعلى قمة من الشرف و النبل و الخير و الفضل، و كان من العفة و الأمانة و الصدق، و من جميع سبل الخير على ما لم يتمار و لم يشك فيه أعداؤه فضلا عن محبيه و رفقائه، لا تصدر منه كلمة إلا و يستيقنون صدقها.

اجتمع ثلاثة نفر من قريش، كان قد استمع كل واحد منهم إلى القرآن سرا عن صاحبيه ثم انكشف سرهم، فسأل أحدهم أبا جهل- و كان من أولئك الثلاثة- ما رأيك فيما

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 106
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست