responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي    الجزء : 2  صفحة : 483

و لله عهد لا أخيس بعهده‌* * * لئن فرجت أن لا أزور الحوانيا [1]

فقالت سلمى: إنى استخرت الله و رضيت بعهدك، فأطلقته، و قالت: أما الفرس فلا أعيرها، و رجعت إلى بيتها، فاقتاد أبو محجن الفرس فأخرجها من باب القصر الذي يلى الخندق فركبها، قيل بسرجها، و قيل: عريا، ثم ذبب عليها حتى إذا كان بحيال الميمنة كبر، ثم حمل على ميسرة القوم يلعب برمحه و سلاحه بين الصفين، ثم رجع من خلف المسلمين إلى الميسرة، فكبر و حمل على ميمنة القوم، يلعب بين الصفين برمحه و سلاحه، ثم رجع من خلف المسلمين إلى القلب فبرز أمام الناس، فحمل على القوم يلعب بين الصفين برمحه و سلاحه، و كان يقصف الناس ليلتئذ قصفا منكرا و يعجب الناس منه و هم لا يعرفونه و لم يروه من النهار، فقال بعضهم: أوائل أصحاب هاشم بن عتبة أو هاشم نفسه.

و جعل سعد يقول و هو مشرف على الناس مكب من فوق القصر: و الله لو لا محبس أبى محجن الثقفى لقلت: إن هذا أبو محجن و هذه البلقاء. و قال بعض الناس: إن كان الخضر يشهد الحروب فنظن أن صاحب البلقاء الخضر، و قال آخرون: و الله لو لا أن الملائكة لا تباشر القتال لقلنا: ملك بيننا، و لا يذكر الناس أبا محجن و لا يأبهون له، لمبيته فى محبسه، فلما انتصف الليل حاجز أهل فارس و تراجع المسلمون، و أقبل أبو محجن حتى دخل من حيث خرج، فوضع عن نفسه و عن دابته، و أعاد رجله فى قيده، و قال:

لقد علمت ثقيف غير فخر* * * بأنا نحن أكثرهم سيوفا

و أكثرهم دروعا سابغات‌* * * و أصبرهم إذا كرهوا الوقوفا

و أنا وفدهم فى كل يوم‌* * * فإن عيوا فسل بهم عروفا

و ليلة قادس لم يشعروا بى‌* * * و لم أشعر بمخرجى الزحوفا

فإن أحبس فذلكم بلائى‌* * * و إن ترك أذيقهم الحتوفا

فقالت له سلمى: فى أى شي‌ء حبسك هذا الرجل؟ قال: أما و الله ما حبسنى لحرام أكلته و لا شربته، و لكنى كنت صاحب شراب فى الجاهلية، و أنا امرؤ شاعر يدب الشعر فى لسانى، و ينبعث على شفتى، فيساء لذلك ثنائى، فعلى ذلك حبسنى. قلت:

إذا مت فادفنى إلى جنب كرمة* * * تروى عظامى بعد موتى عروقها

و لا تدفننى بالفلاة فإننى‌* * * أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها


[1] انظر الأبيات فى: الأغانى للأصفهانى (21/ 139، 140)، مروج الذهب للمسعودى (1/ 528- 530)، الكامل فى التاريخ لابن الأثير (2/ 330).

اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي    الجزء : 2  صفحة : 483
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست