اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 484
و لم تزل سلمى مغاضبة لسعد عشية أرماث، و ليلة السواد، حتى إذا أصبحت أتته فصالحته و أخبرته خبرها و خبر أبى محجن، فدعا به فأطلقته، و قال: اذهب فما أنا بمؤاخذك بشيء تقوله حتى تفعله، قال: لا جرم، و الله لا أجيب لسانى إلى صفة قبيح أبدا.
حديث يوم عماس، و هو اليوم الثالث من أيام القادسية
قالوا [1]: و أصبح المسلمون من اليوم الثالث، و هم على مواقفهم، و أصبحت الأعاجم كذلك، و بين هؤلاء و هؤلاء قدر ميل فى عرض ما بين الصفين، و قد قتل من المسلمين ألفان بين رثيث و ميت، و من المشركين عشرة آلاف. و قال سعد: من شاء غسل الشهيد الميت و الرثيث، و من شاء فليدفنهم بدمائهم، و جعلهم المسلمون وراء ظهورهم، و أقبل الذين يحملونهم إلى القبور، يتبعون القتلى و يبلغون الرثيث إلى النساء، و كان النساء و الصبيان يحفرون المقابر فى اليومين: يوم أرماث و يوم أغواث، بعدوتى مشرق، و كان فى الطريق أصل نخلة بين القادسية و العذيب، ليس بينهما يومئذ نخلة غيرها، فكان الرثيث إذا انتهى بهم إليها و أحدهم يعقل سألهم أن يقفوا به تحتها يستروح إلى ظلها، فمر حاجب بن يزيد، و كان على الشهداء بتلك النخلة مع بعض الشهداء بتلك النخلة مع بعض الشهداء و ولاتهم، و رجل من الجرحى من طيئ يدعى يقول و هو مستظل بظلها:
ألا يا اسلمى يا نخلة بين قادس* * * و بين العذيب لا يجاورك النخل
و آخر من بنى ضبة أو من بنى ثور يدعى غيلان، و هو يقول:
ألا يا اسلمى يا نخلة فوق جرعة* * * يجاورك الجمان و الرمث و الرغل
قالوا [2]: و بات القعقاع ليلته كلها يسرب أصحابه إلى المكان الذي فارقهم فيه بالأمس، ثم قال: إذا طلعت لكم الشمس، فأقبلوا مائة مائة، و كلما توارت عنكم مائة فليتبعها مائة، فإن جاء هاشم فذاك و إلا جددتم للناس رجاء وجدا، ففعلوا، و لا يشعر بذلك أحد، و كان مكانهم مما صنع الله للمسلمين، فلما ذر قرن الشمس و القعقاع يلاحظ الخيل، طلعت نواصيها، فكبر و كبر الناس، و قالوا: جاء المدد.