اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 225
قالوا [1]: إن أبا عبيدة لما ظهر على دمشق أمر عمرو بن العاص بالمسير إلى أرض الأردن و فلسطين، فيكون فيما بينهما، و لا يقدم على المدينتين و جمع الروم بهما، و لكن ينزل أطراف الرساتيق، و يغير بالخيل عليهم من كل جانب، و يصالح من صالحه.
فخرج عمرو حتى واقع أرض الأردن، فلما بلغ أهل الأردن و فلسطين فتح دمشق و توجه الجيش إليهم هالهم ذلك و رعبهم، و أشفقوا على مدائنهم أن تفتح، فاجتمع من كان بها من الروم و نزلوا من حصونهم، و وافاهم أهل البلد، و كثير من نصارى العرب، فكثر جمعهم، و كتبوا إلى قيصر يستمدونه و هو بأنطاكية، فبعث إلى أولئك الذين كان وجههم مددا لأهل دمشق فأقاموا ببعلبك لما بلغهم خبر فتحها أن يسيروا إليهم.
و كتب عمرو إلى أبى عبيدة: أما بعد، فإن الروم قد أعظمت فتح دمشق، فاجتمعوا من نواحى الأردن و فلسطين، فعسكروا و قد تعاقدوا و تواثقوا و تحالفوا بالله: لا يرجعون إلى النساء و الأولاد أو يخرجون العرب من بلادهم، و الله مكذب أملهم، و مبطل قولهم، و لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا. فاكتب إلىّ برأيك فى هذا الحديث، أرشد الله رأيك و سددك و أدام رشدك، و السلام.
و قدم بهذا الكتاب رسول عمرو، و قد استشار أبو عبيدة أصحابه فى المسير بهم إلى حمص، و قال: إن الله تعالى، قد فتح هذه المدينة، يعنى دمشق، و هى من أعظم مدائن الشام، و قد رأيت أن أسير إلى حمص، لعل الله يفتحها علينا، و هذا عمرو بن العاص من ورائنا، فلسنا نتخوف أن نؤتى من هناك.
فقال له خالد بن الوليد، و يزيد بن أبى سفيان، و معاذ بن جبل و رءوس المسلمين:
فإنك قد أصبت و وفقت، فسر بنا إليهم.
فإنهم لكذلك فى هذا الرأى إذ قدم عليهم كتاب عمرو الذي تقدم، فلما قرأه أبو عبيدة ألقاه إلى خالد، و قال: قد حدث أمر غير ما كنا فيه، ثم قرءوا الكتاب على من حضرهم، فقال يزيد: امدد عمرا و مره بمواقعة القوم و أقم أنت بمكانك. فقال أبو عبيدة:
ما ذا ترى أنت يا خالد؟ قال: أرى أن تنظر ما يصنع هذا الجيش الذي ببعلبك، فإن هم ساروا منها إلى إخوانهم سرت إلى إخوانك فلقيتهم بجماعة المسلمين، و إن هم أقاموا أمددت عمرا، و بعثت إلى هؤلاء من يقاتلهم، و أقمت أنت بمكانك. فقال له: نعم ما رأيت، فسير أبو عبيدة شرحبيل بن حسنة إلى عمرو، و قال له: لا تخالفه. فخرج