اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 20
هوذة بن على الحنفى صاحب اليمامة و المتوج بها و هو الذي يقول فيه الأعشى، ميمون ابن قيس من كلمة:
إلى هوذة الوهاب أعلمت ناقتى* * * أرجى عطاء فاضلا من عطائكا
فلما أتت آطام جو و أهلها* * * أنيخت و ألقت رحلها بقبائكا
و ذكر الواقدى أن رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) كتب إلى هوذة مع سليط حين بعثه إليه: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، إلى هوذة بن على، سلام على من اتبع الهدى، و اعلم أن دينى سيظهر إلى منتهى الخف و الحافر، فأسلم تسلم، و أجعل لك ما تحت يديك». فلما قدم عليه سليط بكتاب النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) مختوما أنزله و حياه، و اقترأ عليه الكتاب، فرد ردا دون رد، و كتب إلى النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم): ما أحسن ما تدعو إليه و أجمله، و أنا شاعر قومى و خطيبهم، و العرب تهاب مكانى فاجعل إلى بعض الأمر أتبعك.
و أجاز سليطا بجائزة، و كساه أثوابا من نسج هجر، فقدم بذلك كله على النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) فأخبره، و قرأ النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) كتابه، و قال: «لو سألنى سبابة من الأرض ما فعلت، باد و باد ما فى يده»، فلما انصرف النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) من الفتح جاءه جبريل (عليه السلام) بأن هوذة مات، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم): «أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ، يقتل بعدى»، فقال قائل:
يا رسول الله، فمن يقتله؟ فقال له رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم): «أنت و أصحابك»، فكان من أمر مسيلمة و تكذبه ما كان، و ظهر المسلمون عليه فقتلوه، و كان ذلك القاتل من قتله وفق ما قاله الصادق المصدوق (صلوات الله و بركاته عليه).
و ذكر وثيمة بن موسى أن سليط بن عمرو لما قدم على هوذة بكتاب رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) و كان كسرى قد توجه، و قال له: يا هوذة، إنه قد سودتك أعظم حائلة و أرواح فى النار، و إنما السيد من متع الإيمان ثم زود التقوى، إن قوما سعدوا برأيك، فلا تشقين به، و إنى آمرك بخير مأمور به، و أنهاك عن شر منهى عنه، آمرك بعبادة الله، و أنهاك عن عبادة الشيطان، فإن فى عبادة الله الجنة، و فى عبادة الشيطان النار، فإن قبلت نلت ما رجوت و أمنت ما خفت، و إن أبيت فبيننا و بينك كشف الغطاء و هو المطلع.
فقال هوذة: يا سليط، سودنى من لو سودك شرفت به، و قد كان لى رأى اختبر به الأمور فقدته، فموضعه من قلبى هواء، فاجعل لى فسحة يرجع إلى رأيى فأجيبك به إن شاء الله [1].