اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 11
و قد ملك فرعون بنى إسرائيل، و لستم بخير منهم، فما يمنعنى أن أملككم و أنا خير منه، فأما هذا الملك فقد علمنا أنه يصير إلى الكلاب، و أنتم أولئك تشبع بطونكم و تأبى عيونكم، فأما وقعة ذى قار فهى بوقعة الشام.
فانصرف عنه عبد الله، و قال فى ذلك:
أبى الله إلا أن كسرى فريسة* * * لأول داع بالعراق محمدا
تقاذف فى فحش الجواب مصغرا* * * لأمر العريب الخائفين له الردا
فقلت له أرود فإنك داخل* * * من اليوم فى بلوى و منتهب غدا
فأقبل و أدبر حيث شئت فإننا* * * لنا الملك فابسط للمسالمة اليدا
و إلا فأمسك قارعا سن نادم* * * أقر بذل الخرج أو مت موحدا
سفهت بتخريق الكتاب و هذه* * * بتمزيق ملك الفرس يكفى مبددا
و يروى أن كسرى رأى فى النوم بعد أن أخبر بخروج النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) و نزوله يثرب أن سلما وضع فى الأرض إلى السماء، و حشر الناس حوله، إذ أقبل رجل عليه عمامة، و إزار أو رداء، فصعد السلم حتى إذا كان بمكان منه نودى: أين فارس و رجالها و نساؤها و لامتها و كنوزها؟ فأقبلوا، فجعلوا فى جوالق، ثم رفع الجوالق إلى ذلك الرجل، فأصبح كسرى تعس النفس، محزونا لتلك الرؤيا، و ذكرها لأساورته، فجعلوا يهونون عليه الأمر، فيقول كسرى: هذا أمر تراد به فارس، فلم يزل مهموما حتى قدم عليه عبد الله بن حذافة بكتاب رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) يدعوه إلى الإسلام.
و ذكر الواقدى من حديث أبى هريرة و غيره أن كسرى بينا هو فى بيت كان يخلو فيه إذا رجل قد خرج إليه فى يده عصا، فقال: يا كسرى، إن الله قد بعث رسولا، و أنزل عليه كتابا، فأسلم تسلم، و اتبعه يبق لك ملكك قال كسرى: أخر هذا عنى أثرا ما، فدعا حجابه و بوابيه، فتواعدهم، و قال: من هذا الذي دخل على؟ قالوا: و الله، ما دخل عليك أحد، و ما ضيعنا لك بابا، و مكث حتى إذا كان العام المقبل أتاه فقال له مثل ذلك، و قال: إن لا تسلم أكسر العصا. قال: لا تفعل، أخر ذلك أثرا ما، ثم جاء العام المقبل، ففعل مثل ذلك، و ضرب بالعصا على رأسه فكسرها، و خرج من عنده، و يقال أن ابنه قتله فى تلك الليلة، و أعلم الله بذلك رسوله (عليه السلام) بحدثان كونه فأخبر (صلى اللّه عليه و سلم) بذلك رسل باذان إليه.
و كان باذان عامل كسرى على اليمن، فلما بلغه ظهور النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) و دعاؤه إلى الله، كتب إلى باذان: أن ابعث إلى هذا الرجل الذي خالف دين قومه، فمره فليرجع إلى دين قومه، فإن أبى فابعث إلى برأسه، و إلا فليواعدك يوما تقتتلون فيه، فلما ورد كتابه إلى
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 11