responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 5  صفحة : 361
عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً
[الْفُرْقَانِ: 25- 26] وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْغَمَامَ تَنْزِلُ عَنْهُ قَطَرَاتٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُ مَحْصُورَةٍ وَلَا مَحْدُودَةٍ، فَكَذَا هَذَا الْغَمَامُ يَنْزِلُ عَنْهُ قَطَرَاتُ الْعَذَابِ نُزُولًا غَيْرَ مَحْصُورٍ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: الْمَلائِكَةُ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَا سَبَقَ، وَالتَّقْدِيرُ: وَتَأْتِيهِمُ الْمَلَائِكَةُ وَإِتْيَانُ الْمَلَائِكَةِ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهَا فَصَارَ الْمَعْنَى أَنْ يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَآيَاتُهُ وَالْمَلَائِكَةُ مَعَ ذَلِكَ يَأْتُونَ لِيَقُومُوا بِمَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ إِهَانَةٍ أَوْ تَعْذِيبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَحْكَامِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقُضِيَ الْأَمْرُ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمَعْنَى أَنَّهُ فَرَغَ مَا كانوا يوعدون به فعند ذلك لا يقال لَهُمْ عَثْرَةٌ لَهُمْ وَلَا تُصْرَفُ عَنْهُمْ عُقُوبَةٌ وَلَا يَنْفَعُ فِي دَفْعِ مَا نَزَلِ بِهِمْ حِيلَةٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: وَقُضِيَ الْأَمْرُ مَعْنَاهُ: ويقتضي الْأَمْرَ وَالتَّقْدِيرُ: إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ وَيَقْضِيَ الْأَمْرَ فَوَضَعَ الْمَاضِي مَوْضِعَ الْمُسْتَقْبَلِ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، وَخُصُوصًا فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ الْإِخْبَارَ عَنْهَا يَقَعُ كَثِيرًا بِالْمَاضِي، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: إِذْ قالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي [الْمَائِدَةِ: 116] وَالسَّبَبُ فِي اخْتِيَارِ هَذَا الْمَجَازِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا: التَّنْبِيهُ عَلَى قُرْبِ أَمْرِ الْآخِرَةِ فَكَأَنَّ السَّاعَةَ قَدْ أَتَتْ وَوَقَعَ مَا يُرِيدُ اللَّهُ إِيقَاعَهُ وَالثَّانِي: الْمُبَالَغَةُ فِي تَأْكِيدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى، فَصَارَ بِحُصُولِ الْقَطْعِ وَالْجَزْمِ بِوُقُوعِهِ كَأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ وَحَصَلَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْأَمْرُ الْمَذْكُورُ هاهنا هُوَ فَصْلُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْخَلَائِقِ. وَأَخْذُ الْحُقُوقِ لِأَرْبَابِهَا وَإِنْزَالُ كُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ مَنْزِلَتَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، قَالَ تَعَالَى: وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ [إِبْرَاهِيمَ: 22] .
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: قَوْلُهُ: وَقُضِيَ الْأَمْرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحْوَالَ الْقِيَامَةِ تُوجَدُ دُفْعَةً مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لِقَضَائِهِ، دَافِعٌ، وَلَا لِحُكْمِهِ مَانِعٌ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَرَأَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَقَضَاءُ الْأَمْرِ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَرْفُوعِ عَطْفًا عَلَى الْمَلَائِكَةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: مِنَ الْمُجَسِّمَةِ مَنْ قَالَ: كَلِمَةُ إِلَى لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَكَانٍ يُنْتَهَى إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَجَابَ أَهْلُ التَّوْحِيدِ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى مَلَّكَ عِبَادَهُ فِي الدُّنْيَا كَثِيرًا مِنْ أُمُورِ خَلْقِهِ فَإِذَا صَارُوا إِلَى الْآخِرَةِ فَلَا مَالِكَ لِلْحُكْمِ فِي الْعِبَادِ سواء كَمَا قَالَ: وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الِانْفِطَارِ:
19] وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: رَجَعَ أَمْرُنَا إِلَى الْأَمِيرِ إِذَا كَانَ هُوَ يَخْتَصُّ بِالنَّظَرِ فِيهِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ [آل عمران: 28] مَعَ أَنَّ الْخَلْقَ السَّاعَةَ فِي مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ الثَّانِي: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: إِنَّهُ تَعَالَى قَدْ مَلَّكَ كُلَّ أَحَدٍ فِي دَارِ الِاخْتِبَارِ وَالْبَلْوَى أُمُورًا امْتِحَانًا فَإِذَا انْقَضَى أَمْرُ هَذِهِ الدَّارِ وَوَصَلْنَا إِلَى دَارِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ كَانَ الْأَمْرُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ أَهْلٌ أَنْ يُتَّقَى وَيُطَاعَ وَيَدْخُلَ فِي السِّلْمِ كَمَا أَمَرَ، وَيَحْتَرِزَ عَنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ كَمَا نَهَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ تُرْجَعُ بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى مَعْنَى تَرِدُ، يُقَالُ: رَجَعْتُهُ أَيْ
اسم الکتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 5  صفحة : 361
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست