responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
اسم الکتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 5  صفحة : 362
رَدَدْتُهُ، قَالَ تَعَالَى: وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي [فُصِّلَتْ: 50] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي [الْكَهْفِ: 36] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ [الْأَنْعَامِ: 62] وَقَالَ تَعَالَى: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً [الْمُؤْمِنُونَ: 99- 100] أَيْ رُدَّنِي، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ تَرْجِعُ بِفَتْحِ التَّاءِ أَيْ تَصِيرُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ [الشُّورَى: 53] وَقَوْلِهِ: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ، وإِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ [هود: 4، المائدة: 48، الغاشية: 25] قَالَ الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالْمَعْنَى فِي الْقِرَاءَتَيْنِ مُتَقَارِبٌ، لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ جَلَّ جَلَالُهُ، وَهُوَ جَلَّ جَلَالُهُ يُرْجِعُهَا إِلَى نَفْسِهِ بِإِفْنَاءِ الدُّنْيَا وَإِقَامَةِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي قَوْلِهِ:
تُرْجَعُ الْأُمُورُ بِضَمِّ التَّاءِ ثَلَاثُ مَعَانٍ أَحَدُهَا: هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ أَنَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ يُرْجِعُهَا كَمَا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَهُوَ قَاضِيهَا وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ الْعَرَبِ فِي قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ يُعْجَبُ بِنَفْسِهِ، وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ: إِلَى أَيْنَ يَذْهَبُ بِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَذْهَبُ بِهِ وَالثَّالِثُ: أَنَّ ذَوَاتِ الْخُلُقِ وَصِفَاتِهِمْ لَمَّا كَانَتْ شَاهِدَةً عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ مُحْدَثُونَ مُحَاسَبُونَ، وَكَانُوا رَادِّينَ أَمْرَهُمْ إِلَى خَالِقِهِمْ، فَقَوْلُهُ: تُرْجَعُ الْأُمُورُ أَيْ يَرُدُّهَا الْعِبَادُ إِلَيْهِ وَإِلَى حُكْمِهِ بِشَهَادَةِ أَنْفُسِهِمْ، وَهُوَ كَمَا قَالَ: يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ [الجمعة: 1، التغابن: 1] فَإِنَّ هَذَا التَّسْبِيحَ بِحَسَبِ شَهَادَةِ الْحَالِ، لَا بِحَسَبِ النُّطْقِ بِاللِّسَانِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً [الرَّعْدِ: 15] قِيلَ: إِنَّ الْمَعْنَى يَسْجُدُ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ طَوْعًا، وَيَسْجُدُ لَهُ الْكُفَّارُ كَرْهًا بِشَهَادَةِ أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُمْ عَبِيدُ اللَّهِ، فَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْعِبَادَ يَرُدُّونَ أُمُورَهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَيَعْتَرِفُونَ بِرُجُوعِهَا إِلَيْهِ، أَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَبِالْمَقَالِ، وَأَمَّا الكفار فبشهادة الحال.
تم الجزء الخامس، وَيَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْجُزْءُ السَّادِسَ، وأوله قَوْلُهُ تَعَالَى:
سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ أعان الله على إكماله
اسم الکتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 5  صفحة : 362
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
صيغة PDF شهادة الفهرست