اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 711
الآخر و استطابه، فقال: نعم، و لكنه خرء الأمير. و قال آخر: لا يفرق بين الكامخ و الخرء إلا بالذوق.
و أضيف أعرابي فأطعم الكوامخ مرارا، فاستفتح الصلاة خلف الإمام، فقرأ الإمام حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير، فقال الأعرابي: و الكوامخ فلا تنسها.
و قال النيختي:
أتتني سكرجة لونها # يرفّ كبلّورة صافيه
مضمنة من وضيء الطعام # لما يذكر العيشة الراضيه
فلم أدر هل ضمّنت كامخا # من الطّيب أم ضمّنت غاليه
و قال آخر ضده:
شيب رأسي و حنى أعظمي # طول ائتدامي الخبز بالكامخ
فهو إلى نفسي من بغضه # يعدل سمّ الأسود السالخ [1]
اللبن
قال اللّه تعالى: وَ أَنْهََارٌ مِنْ لَبَنٍ[2] لم يتغير طعمه. و قال: من بين فرث و دم لبنا خالصا سائغا للشاربين. و قيل: اللبن أحد اللحمين، و سموه شحما لما كان من الشحم يتولد.
و قيل لرجل الحليب أحب إليك أم الرائب، فقال: الرائب، فإنه على كل حال بات مع اللحم ليلة. و قيل: ما غص أحد باللبن قط لقوله تعالى: لَبَناً خََالِصاً سََائِغاً لِلشََّارِبِينَ[3] . و في الحديث: أن البقر لحومها داء و ألبانها شفاء، و قال صلّى اللّه عليه و سلم: عليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشجر. و قيل: ما رغى من اللبن أطيب من المصرح، و قيل: إن الرثيئة مما يغثا الغضب. قال ذو الرمة: كان إذا نزل بنا نزيل، قلنا له الحليب أحب إليك أم المخيض، فإن قال المخيض، قلنا: عبد من أنت، و إن قال الحليب، قلنا: ابن من أنت و قال شاعر:
إذا شئت عناني على رحل فتية # الحضجر يداوي بالبدور كبير [4]
يعني أنه يمخض له. و قيل لبعضهم: الحليب أحبّ إليك أم الرائب، فقال: هو أكرم و أطيب من أن ينفى له حال.
الجبن
قال خالد بن صفوان لجاريته: أطعمينا جبنا فإنه يشهي الطعام و يدبغ المعدة و يهيج الشهوة، فقالت: ما عندنا، فقال: ما عليك فإنه يقدح في الأسنان و يلين البطن و هو من طعام أهل الذمة. فقال بعض أصحابه: بأي القولين نأخذ؟فقال: إذا حضر فبالأول و إذا