36-أبو حنيفة الدينوري: قيل للعواء [2] عواء البرد، لأن البرد مسترعف بها، فإذا هي طلعت لم يأت إلا و هي منه في شباب، إلى أن يتناهى في بركي الشتاء.
و قال: لا يزال البرد راكدا يفري الفريّ [3] ، و الثريا ترتقي، حتى إذا رئيت عشاء قد قممت، و الشعريان [4] قد استقلتا، و طلعت نثرة الأسد [5] ، فذلك حين وقعت عقارب البرد و تناهى قرصه و شدته.
37-تقول العرب: إذا رأيت الشعريين، يحوزهما الليل، فهناك لا يجد القرّ [6] مزيدا.
و حوز الليل إياهما أن يكونا في حيزه فتطلعا بعد غروب الشمس، و تغيبا قبل طلوعها، فلا يكون للنهار فيهما نصيب، و ذلك من لدن طلوع الهرارين [7] إلى أن ينوء الذراع [8] . و هو أخلص صميم الشتاء و أصرحه.
[2] العوّا: اسم نجم، مقصور يكتب بالألف، و هي مؤنثة من أنواء البرد. قيل: إذا طلعت العواء و جثم الشتاء طاب الصلاء و هي أربعة كواكب ثلاثة مثفّاة متفرقة و الرابع قريب منها كأنه من الناحية الشامية و به سمّيت العوّاء كأنه يعوي إليها من عواء الذئب.
[3] فرى الشيء: قطعه و شقّه. و الفريّ: المشقوق، العجيب.
[4] الشعرى: كوكب نيّر يطلع عند شدّة الحرّ، و هما شعريان، الشعرى العبور و الشعرى الغميصاء.
[5] النثرة: كوكب في السماء كأنه لطخ سحاب حيال كوكبين، تسميه العرب نثرة الأسد و هي من منازل القمر و هي في علم النجوم من برج السرطان. و العرب تقول: إذا طلعت النثرة قنأت البسرة أي داخل حمرتها سواد و طلوع النثرة على إثر طلوع الشعرى. و النثرة في الأصل طرف الأنف و به سمّي النجم الذي يقال له نثرة الأسد.