38-و يقولون: إذا أمسى النجم قم راس، فليله فتى و فاس.
يعنون أن الفتى يحتطب فيها بالفأس، لأنه لا بد له من الصلاء [1] .
39-الأصمعي: رأيت أعرابيا قد حفر قرموصا [2] و قعد فيه في أول الشتاء، فقلت: ما صيرك إلى هذا؟قال: شدة البرد، و أنشأ يقول:
أيا رب هذا البرد أصبح كالحا # و أنت بصير عالم لا تعلم
لئن كنت يوما ما جهنم مدخلي # ففي مثل هذا اليوم طابت جهنم
40-قيل لأعرابي في الشتاء: أ ما تصلّي: قال: البرد شديد، و ما عليّ كسوة أصلّي فيها، و قال:
إن يكسني ربي قميصا و ريطة # أصلّ و أعبده إلى آخر الدهر [3]
و إن لا يكن إلا بقايا عباءة # مخرقة مالي على البرد من صبر
41-كلما كان الساتر أشد اكتنازا، كان الظل أشد سوادا. و ليس يكون ظل أبرد و لا أشد سوادا من ظل جبل.
42-في ديوان المنظوم:
شتاء تقلص الأشداق منه # و برد يجعل الولدان شيبا
و أرض تزلق الأقدام فيها # فما تمشي بها إلا دبيبا [4]
و فيه:
أقبلت يا برد بوجه أجرد # يفعل بالأوجه فعل المبرد
أظلّ في البيت كمثل المقعد # منقبضا تحت الكساء الأسود
[1] الصلاء: النار أو العظيم منها، و قيل: وقودها.
[2] القرموص و الجمع قراميص: حفرة واسعة الجوف ضيقة الرأس يستكن فيها من البرد.
[3] الريطة: الملاءة إذا كانت قطعة واحدة و نسيجا واحدا. و قيل كل ثوب يشبه الملحفة و الجمع ريط و رياط.
[4] دبّ دبا و دبيبا: مشى كالحية أو على اليدين و الرجلين كالطفل.