اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 271
و قد أحسن القاضي محيي الدين الشهرزوري [1] في وصف الجراد بذلك في قوله:
لها فخذا بكر و ساقا نعامة # و قادمتا نسر و جؤجؤ ضيغم [2]
حبتها أفاعي الأرض بطنا و أنعمت # عليها جياد الخيل بالرأس و الفم
و ما يستحسن و يستجاد من شعره قوله يصف نزول الثلج من الغيم:
و لما شاب رأس الدهر غيظا # لما قاساه من فقد الكرام
أقام يميط عنه الشيب غيظا # و ينثر ما أماط على الأنام [3]
توفي الشهرزوري في سنة ست و ثمانين و خمسمائة و ليس في الحيوان أكثر افسادا لما يقتاته الانسان من الجراد. قال الأصمعي: أتيت البادية، فإذا أعرابي زرع برا له، فلما قام على سوقه و جاد سنبله أتاه رجل جراد فجعل الرجل ينظر إليه و لا يدري كيف الحيلة فيه فأنشأ يقول:
مر الجراد على زرعي فقلت له # لا تأكلنّ و لا تشغل بإفساد
فقام منهم خطيب فوق سنبلة # أنا على سفر لا بد من زاد
و قيل لأعرابي: أ لك زرع؟فقال: نعم. و لكن أتانا رجل من جراد، بمثل مناجل الحصاد، فسبحان من يهلك القوي الأكول بالضعيف المأكول.
فائدة:
تكتب هذه الكلمات و تجعل في أنبوبة قصب و تدمن في الزرع أو في الكرم فإنه لا يؤذيه الجراد بإذن اللّه تعالى و هي بسم اللّه الرحمن الرحيم، اللهم صلي على سيدنا محمد، و على آل سيدنا محمد و سلم، اللهم أهلك صغارهم، و اقتل كبارهم، و أفسد بيضهم، و خذ بأفواههم عن معايشنا و أرزاقنا، إنك سميع الدعاء إني توكلت على اللّه ربي و ربكم، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم. اللهم صلي على سيدنا محمد، و على آل سيدنا محمد و سلم، و استجب منا يا أرحم الراحمين. و هو عجيب مجرب. و مما يفعل لطرد الجراد أيضا، و قد جرب و فعل، فصرفه اللّه به و أخبرني به الشيخ يحيى بن عبد اللّه القرشي، و أنه فعل ذلك غير مرة، فصرفه اللّه سبحانه و تعالى عن البلاد التي هو فيها، و كفاهم شره و أن بعض العلماء أفاده ذلك، و قد سماه لي و ذهب عني اسمه الآن، انه إذا وقع الجراد بأرض و أردت أن اللّه سبحانه و تعالى يصرفه، فخذ منه أربع جرادات، و اكتب على أجنحتها أربع آيات من كتاب اللّه تعالى، في جناح كل جرادة آية، ثم توجه بها إلى أي بلد تسميها و تقول لهم: انصرفوا إليها. على الأولى:
فَسَيَكْفِيكَهُمُ اَللََّهُ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ[4] و على الثانية وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مََا يَشْتَهُونَ[5] و على
[1] الشهرزوري هو أبو حامد محمد بن القاضي كمال الدين بن الشهرزوري الملقب محي الدين. دخل بغداد ثم قصد الشام و ولي قضاء دمشق و مات سنة 586 هـ-.
[2] الأبيات الأربعة مع ترجمته: وفيات الأعيان: 4/246.