responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 255

فجاء الثعلب فأخذ إحدى الدجاجتين فلما قضينا الصلاة، أسفنا عليها، و قلنا حرمنا طعامنا فبينما نحن كذلك، إذ جاء الثعلب و في فمه شي‌ء كأنه الدجاجة فوضعه، فبادرنا إليه لنأخذه و نحن نحسبه الدجاجة. قد ردها، فلما قمنا جاء إلى الأخرى و أخذها من السفرة و أصبنا الذي قمنا إليه لنأخذه فإذا هو ليف قد هيأه مثل الدجاجة. و مما وقع من فطنة البهائم مما يقارب هذا ما يحكى عن القاسم بن أبي طالب التنوخي الأنباري قال: كنت ماضيا إلى انبار في رفقة فيها بازدارية السلطان قد خرجوا يروضونها فأطلقوا بازيا على دراج، فطار الدراج إلى غيضة فدخل فيها، و ألقى نفسه بين شوك كان فيها، فأخذ من ذلك الشوك أصلين كبيرين في رجليه، و نام على قفاه و رفع رجليه، فاستتر بذلك من الباز، فلما قرب منه البازداري طار فصاده البازي. فقالوا: ما رأينا قط دراجا أحذق من هذا!و قد أورد هذه الحكاية القاضي أبو علي الحسن بن على التنوخي أيضا في كتاب أخبار المذاكرة و نشوان المحاضرة بألفاظ مخالفة لما سيق هنا فقال و حدثني أبو القاسم بن أبي طالب التنوخي الأنباري قال:

كنت ماضيا إلى الأنبار مع رفقة بازدارية للسلطان، فأطلقوا بازيا على دراج لاح لهم، فطار الدراج و لحقه الباز فأخذوا يهللون و يكبرون و يعجبون، فلحقتهم و سألتهم فإذا بالدراج قد دخل غيضة فألقى نفسه بين شوك كان فيها، و أخذ من ذلك الشوك أصلين كبيرين بين رجليه، و نام على قفاه و شال رجليه و فيهما الشوك، ليختفي به عن الباز، و الباز قد طلبه طويلا فلم يره، و قد خفي عليه أمره بذلك الشوك الذي شاله في رجليه حتى ستر به نفسه، إلى أن جاء البازدارية فرأوا الدراج فقصدوه، و قربوا منه فطار، و أحس به الباز فاصطاده، فسمعتهم يقولون: ما رأينا قط دراجا أمكر من هذا، و لا أحذق منه بالتوقي و لا سمعنا بمثل هذا و أسرفوا في التعجب منه. و هذه أخبار تقارب ما تقدم في فطنة الطير و ذكائه و قال القاضي أبو علي التنوخي حدثني أبو الفتح البصروي قال: حدثني بعض أهل الموصل ممن كان مغرى بالصيد، و طلب الجوارح، أن صيادا من أهل أرمينية و تلك النواحي حدثه قال: خرجت إلى الصحراء يوما، فنصبت شبكتي و جعلت فيها طائرا مستأنسا، و دخلت في كوخ تحت الأرض يسترني، و جعلت أنظر إلى الشبكة حتى إذا وقع فيها شي‌ء من البزاة أو الصقورة أو الشواهين أو غير ذلك من الجوارح، أخذته فلما كان قريبا من الظهر، و إذا بزمجة لطيفة قد طارت على الشبكة، فلما رأتها نفرت و ترجلت قريبا منها، فجلست على الأرض ساعة، فإذا بعقاب جائر فلما رآها ترجل معها و جلسا جميعا، و إذا بطائر يطير في الجو فنهضت الزمجة قبل العقاب و طارت خلف الطائر، فلم تزايله إلى أن صادته و جاءت به فنسرته و صار لحما، و أقبلت تأكل فجاء العقاب و أكل معها، فلما فني اللحم زاف العقاب عليها فضربت وجهه بجناحها، فزاف ثانية فضربته أشد من الأولى، فزاف الثالثة فضربته أشد من ذلك، و لم تزل تضربه بمنسرها إلى أن قتلته و طارت، فتعجبت من نفورها من الشبكة و قلت هي كرزة و يجوز أن تعرف الشبكة بالعادة، و مما سوى ذلك من مناهضتها للطائر قبل العقاب حتى صادته. ثم إنها منعت العقاب من سفادها و أنها أطعمته من صيدها ثم لم ترض بذلك حتى قتلته لما ألح عليها، و طمعت في أن أصيدها لأصيد بها ما لا قيمة له فبت ليلتي في ذلك الكوخ، فلما كان من الغد فإذا هي قد ترجلت قريبا من الشبكة في مثل ذلك الوقت فنزل إليها عقاب فجلس معها و عن لهما صيد فجرت صورتها مع العقاب الثاني كما جرت مع العقاب الأول سواء بلا اختلاف البتة. و طارت فزاد تعجبي و حرصي عليها. و بت ليلتي الثانية في‌

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 255
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست