responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 256

الكوخ، فلما كان في اليوم الثالث فإذا بها قد ترجلت على الصورة و الرسم و إذا بعد ساعة بعقاب لطيف وحشي الريش، قد ترجل فما مضت ساعة حتى عن لهما صيد، فهمت الزمجة بالنهوض فضربها العقاب بجناحه ضربة كاد يقتلها و نهض مسرعا إلى الطيران حتى اصطاد الطائر و جاء به فنسره و طرحه بين يديها، و لم يذق منه شيئا حتى أكلت الزمجة و استوفت، ثم أكل هو بعدها لحم الطائر الباقي و فني. فزاف عليها فزافت له، و لم تمنعه فزاف الثانية فركبها فمكنته حتى سفدها ثم طارا معا.

و حكى: القاضي أبو علي التنوخي أيضا قال: حدثني فارس بن مشغف أحد الجند القدماء المولدين و قد صار بوّابا لأبي محمد يحيى بن محمد بن سليمان بن فهد قال: كنت أصحب قائدا من قواد السلطان يعرف بأبي إسحاق بن أبي مسعود الأزدي، و كانت إليه إمارة المدائن اسبانين و المدينة العتيقة، و كانت إذ ذاك عامرة آهلة و السلاطين ينزلون بها، و كنت مقيما فيها معه، و كان لهجا بالصيد، فخرج ذات يوم و أنا معه، إلى المدينة المعروفة بالرومية، المقابلة للمدينة العتيقة، و هي إذ ذاك خراب، و معه صقارته و آلة صيده و جنده حتى مل و سلك الطريق راجعا، و كان معه صقر له فاره و قد شبع مما أطعمه من صيده، فمسح الصقار صدره و حمله على يده و هو يسير إذ اضطرب الصقر اضطرابا شديدا فقال له ابن أبي مسعود: قد شاهد الصقر طريدة، و هذا الاضطراب لأجلها فأرسله، فقال: يا سيدي هو صقر شره و اضطرابه ليس لهذا، و قد شبع و لا آمن أن أرسله على طريدة و هو شبعان فيتيه. فزاد اضطراب الصقر فقال: أرسله و ليس عليك منه شي‌ء فأرسله فطار و تراكضنا خلفه حتى جاء إلى أجمة صغيرة تستره، و نحن نراه فرفرف عليها و إذا بشي‌ء قد صعد منها مثل النشاب في مقدار زج النشابة فقط فحاص عنه الصقر ثم انحط في الأجمة فدخلنا خلفه فإذا هو قد ترجل على حبارى و اصطادها، و إذا هو طلع على يد الصقار. و من عادة الحبارى أن تذرق على الجارح الذي يصيدها لتجرح جناحه و تعقره بذرقها لحماه وحدته و ينسلخ جلده و الصقر عارف بذلك، فاحتال عليها الصقر فرفرف عليها كأنه يريد صيدها، فذرقت الحبارى إلى فوق حتى صعدت ذرقتها فلما أخطأت الصقر انحط عليها في الحال فاصطادها، و كان الصقارون، و من حضر من الجند و المتصيدين المدنيين يعجبون من ذلك، و يعدونه من غرائب ما شاهدوه من أفعال الجوارح. و ذكر القاضي التنوخي عن فارس هذا قال: كنت مع هارن بن غريب الحبال، من جملة عسكره و رجاله، و نحن قيام بين يدي حلوان، و الجند سائرون و هو يتصيد في طريقه، إذ عن له غزال فأرسل عليه صقرا كان بحضرته، و لم يكن الكلابون بالقرب منه، فيرسلون معه كلبا لأن العادة أن الصقر لا يصيد غزالا إلا إذا كان معه كلب، و ذلك أن الصقر يطير فيقع على رأسه فيعقره و يضرب بجناحيه بين عينيه، فيمنعه من شدة العدو فيلحقه الكلب فيصيده. هكذا جرت العادة في صيد الغزلان بالصقور، إلا أن ابن الحبال، لما لاح له الغزال، أطلق الصقر لئلا يفوته الغزال، و غرر به لحوق الكلاب في الحال، و قد رأى أن يشغله الصقر عن العدو، فتلحقه خيلنا و رماحنا فطار الصقر، و تراكضنا خلفه، و أنا ممن ركض، و جرى الغزال فوافى إلى منحدر في الصحراء، فانحدر فيه، فلما حصل منحدرا سقط الصقر على خده و عنقه، فأنشب مخلبيه فيهما و حمله الغزال. فرأينا الصقر قد سدل أحد مخلبيه حتى إنه يخط في الأرض، حتى إذا وصل إلى وضع من الصحراء فيه شوك فعلق بأصل شوك عظيم، ثم جذب‌

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 256
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست