responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 254

برجلي، و إن أكلت حارا أخذ برأسي و كان ينشد:

أ ترجو أن تكون و أنت شيخ # كما قد كنت أيام الشباب

لقد كذبتك نفسك ليس ثوب # دريس كالجديد من الثياب‌

و له التصانيف في كل فن و هو من رءوس المعتزلة، و إليه تنسب الطائفة الجاحظية من المعتزلة. و من أحسن تصانيفه كتاب الحيوان. توفي سنة خمس و خمسين و مائتين بالبصرة. قال: و من العجب في قسمة الأرزاق أن الذئب يصيد الثعلب فيأكله، و الثعلب يصيد القنفذ فيأكله، و القنفذ يصيد الأفعى فيأكلها، و الأفعى تصيد العصفور فتأكله، و العصفور يصيد الجراد فيأكله، و الجراد يلتمس فراخ الزنابير فيأكلها، و الزنبور يصيد النحلة فيأكلها، و النحلة تصيد الذبابة فتأكلها، و الذبابة تصيد البعوضة فتأكلها. روى صاحب الغيلانيات، في الجزء الأول، عن الشعبي، عن جابر بن عبد اللّه، قال: جاء رجل إلى أبي بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه فقال: رأيت كأني أجري مع الثعلب أحسن جري. فقال: أجريت ما لا يجري، أنت رجل في لسانك كذب فاتق اللّه عزّ و جلّ!و من شأن الثعلب، إذا دخل برج حمام، و كان شبعان، قتلها و رمى بها لعلمه أنه إذا جاع عاد إليها و أكلها. و هو من الحيوان الذي سلاحه سلاحه، و هو أنتن من سلاح الحبارى كما تقدم.

فإذا تعرض للقنفذ و لقيه كالكرة و تحصن بشوكه سلح عليه فينبسط، فعندها يقبض على مراق بطنه.

و من ظريف ما يحكى عنه، أن البراغيث، إذا كثرت في صوفه، تناول صوفة منه بفيه، ثم يدخل النهر قليلا قليلا، و البراغيث تصعد فرارا من الماء حتى تجتمع في الصوفة التي في فيه، فيلقيها في الماء ثم يهرب. و الذئب يطلب أولاد الثعلب فإذا ولد له ولد، وضع أوراق العنصل على باب و جاره، ليهرب الذئب منها. و فروه أفضل الفراء و منه: الأبيض و الأسود و الخلنجي و قال القزويني في عجائب المخلوقات: إنه أهدي إلى نوح بن منصور الساماني‌ [1] ثعلب له جناحان من ريش إذا قرب الإنسان منه نشرهما، و إذا بعد عنه ألصقهما بجانبيه. ثم قال: و كانت الثعالب تطير في الزمن الأول. و في آخر [2] كتاب الأذكياء لأبي الفرج بن الجوزي عن المعافى بن زكريا قال زعموا أن أسدا و ثعلبا و ذئبا اصطحبوا، فخرجوا يتصيدون فصادوا حمارا و ظبيا و أرنبا، فقال الأسد للذئب: اقسم بيننا صيدنا، فقال: الأمر أبين من ذلك الحمار لك، و الأرنب لأبي معاوية يعني الثعلب، و الظبي لي. فخبطه الأسد فأطاح رأسه. ثم أقبل على الثعلب، و قال: قاتله اللّه ما أجهله بالقسمة!هات أنت يا أبا معاوية. فقال الثعلب: يا أبا الحارث، الأمر أوضح من ذلك الحمار لغدائك، و الظبي لعشائك، و الأرنب فيما بين ذلك. فقال له الأسد: قاتلك اللّه ما أقضاك!من علمك هذه الأقضية؟ قال: رأس الذئب الطائح عن جثته، و في رواية عن الشعبي فقال له الأسد: قاتلك اللّه ما أبصرك بالقضاء و القسمة؟من أين تعلمت هذا؟قال: مما رأيت من أمر الذئب. و مما يروى من حيل الثعلب ما ذكره الشافعي قال: كنا في سفر في أرض اليمن، فوضعنا سفرتنا لنتعشى، و حضرت صلاة المغرب، فقمنا نصلي ثم نتعشى، فتركنا السفرة كما هي، و قمنا إلى الصلاة، و كان فيها دجاجتان،


[1] هو نوح بن منصور بن نوح بن نصر الساماني، أمير ما وراء النهر مات في بخارى سنة 387 هـ-.

[2] الأذكياء: 242.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 254
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست