responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 253

أرب‌ [1] يبول الثعلبان برأسه # لقد ذل من بالت عليه الثعالب‌

هكذا أنشده جماعة، و هو وهم. فقد رواه أبو حاتم الرازي: الثعلبان، بالفتح على أنه تثنية ثعلب، و ذكر أن بني ثعلب كان لهم صنم يعبدونه، فبينما هم ذات يوم إذ أقبل ثعلبان يشتدان فرفع كل منهما رجله و بال على الصنم، و كان للصنم سادن يقال غاوي بن ظالم. فقال البيت المتقدم، ثم كسر الصنم، و أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم، فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم: «ما اسمك قال: غاوي بن ظالم.

قال: لا، بل أنت راشد بن عبد ربه» . و في نهاية الغريب أنه كان لرجل صنم، و كان يأتي بالخبز و الزبد، فيضعه عند رأسه، و يقول له: أطعم فجاء ثعلبان فأكل الخبز و الزبد، ثم عصل على رأس الصنم، أي بال. و الثعلبان ذكر الثعالب. و في كتاب الهروي: فجاء ثعلبان فأكلا الخبز و الزبد، .

أراد تثنية ثعلب. قال الحافظ بن ناصر: أخطأ الهروي في تفسيره، و صحف في روايته. و إنما الحديث فجاء ثعلبان، و هو الذكر من الثعالب، اسم له معروف لا مثنى، فأكل الخبز و الزبد ثم عصل، بالعين و الصاد، على رأس الصنم. فقام الرجل فضرب الصنم فكسره ثم جاء إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم فأخبره بذلك و قال فيه شعرا و هو:

لقد خاب قوم أملوك لشدة # أرادوا نزالا أن تكون تحارب

فلا أنت تغني عن أمور تواترت # و لا أنت دفاع إذا حل نائب

أ ربّ يبول الثعلبان برأسه # لقد ذل من بالت عليه الثعالب‌

و الحديث مذكور في معجم البغوي و ابن شاهين و غيرهما. و الرجل المذكور راشد بن عبد ربه. و حديثه مشروح في كتاب دلائل النبوة لأبي نعيم الأصفهاني. و أهل اللغة يستشهدون بهذا البيت في أسماء الحيوان و الفرق في ذلك بين الذكر و الأنثى كما قالوا لأفعوان ذكر الأفاعي و العقربان ذكر العقارب و الثعلب سبع جبان مستضعف ذو مكر و خديعة، لكنه لفرط الخبث و الخديعة، يجري مع كبار السباع. و من حيلته في طلب الرزق أنه يتماوت و ينفخ بطنه، و يرفع قوائمه حتى يظن أنه مات، فإذا قرب منه حيوان وثب عليه و صاده. و حيلته هذه لا تتم على كلب الصيد. قيل للثعلب: ما لك تعدو أكثر من الكلب؟فقال: لأني أعدو و لنفسي و الكلب يعدو لغيره. قال الجاحظ: و من أشد سلاح الثعلب عندهم الروغان و التماوت و سلاحه سلحه، فإن سلاحه أنتن و ألزج و أكثر من سلاح الحبارى. قالت العرب:

أدهى و أنتن من سلاح الثعلب.

و الجاحظ اسمه عمرو بن بحر الكناني الليثي و قيل له الجاحظ، لأن عينيه كانتا جاحظتين، و يقال له الحدقي أيضا، لذلك أصابه الفالج في آخر عمره، فكان يطلي نصفه بالصندل و الكافور لشدة حرارته، و النصف الآخر لو قرض بالمقاريض لما أحس به من خدره و شدة برده. و كان يقول: أنا من جانبي الأيمن مفلوج، فلو قرض بالمقاريض ما علمت. و من جانبي الأيسر منقرس، فلو مر به الذباب تألمت. و قال: اصطلحت على جسدي الأضداد فإن أكلت باردا أخذ


[1] الحيوان للجاحظ: 6/303 و فيه: «إله بدل رب» . و لم يعزه. و في الاصابة: 5213 هو لغاوي بن ظالم.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 253
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست