و من يفتش على الإخوان مجتهدا # فجل إخوان هذا الدهر خوان
من يزرع الشر يحصد في عواقبه # ندامة و لحصد الزرع إبان
من استنام إلى الأشرار نام و في # قميصه منهم صل و ثعبان
من سالم الناس يسلم من غوائلهم # و عاش و هو قرير العين جذلان
من كان للعقل سلطان عليه غدا # و ما على نفسه للحرص سلطان
و إن أساء مسيء فليكن لك في # عروض زلته صفح و غفران
إذا نبا بكريم موطن فله # وراءه في بسيط الأرض أوطان
لا تحسبن سرورا دائما أبدا # من سره زمن ساءته أزمان
يا ظالما فرحا بالعز ساعده # إن كنت في سنة فالدهر يقظان
يا أيها العالم المرضي سيرته # أبشر فأنت بغير الماء ريان
و يا أخا الجهل لو أصبحت في لجج # فأنت ما بينها لا شك ظمآن
دع التكاسل في الخيرات تطلبها # فليس يسعد بالخيرات كسلان
صن حر وجهك لا تهتك غلالته # فكل حر لحر الوجه صوان
لا تحسب الناس طبعا واحدا فلهم # غرائز لست تحصيها و ألوان
ما كل ماء كصداء لوارده # نعم و لا كل نبت فهو سعدان
من استعان بغير اللّه في طلب # فإن ناصره عجز و خذلان
و اشدد يديك بحبل اللّه معتصما # فإنه الركن إن خانتك أركان
لا ظل للمرء يغني عن تقى و رضا # و إن أظلته أوراق و أفنان
سحبان من غير مال باقل حصر # و باقل في ثراء المال سحبان [1]
و الناس إخوان من والته دولته # و هم عليه إذا عادته أعوان
يا رافلا في الشباب الرحب منتشيا # من كأسه هل أصاب الرشد نشوان
لا تغترر بشباب ناعم خضل # فكم تقدم قبل الشيب شبان
و يا أخا الشيب لو ناصحت نفسك لم # يكن لمثلك في الإسراف إمعان
هب الشبيبة تبدي عذر صاحبها # ما بال شيبك يستهويه شيطان
كل الذنوب فإن اللّه يغفرها # إن شيع المرء إخلاص و إيمان
و كل كسر فإن اللّه يجبره # و ما لكسر قناة الدين جبران
أحسن إذا كان إمكان و مقدرة # فلا يدوم على الإنسان إمكان
فالروض يزدان بالأنوار فاغمة # و الحر بالعدل و الإحسان يزدان
خذها سرائر أمثال مهذبة # فيها لمن يبتغي التبيان تبيان
ما ضر حسابها و الطبع صائغها # إن لم يصغها قريع الشعر حسان
[1] سحبان بن زفر بن إياس الوائلي الباهلي، خطيب يضرب به المثل في البلاغة مات سنة 54 هـ-. و باقل:
علم يضرب به المثل في العي.