responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 249

و آخرهم موتا الحارث بن‌ [1] مضاض صاحب العذبة الطويلة، و إذا عليهم ثياب من وشي لا يمس منها شي‌ء إلا انتثر كالهباء من طول الزمان مكتوب في اللوح عظات. قال ابن هشام: كان اللوح من رخام و كان فيه أنا نفيلة [2] بن عبد المدان بن خشرم بن عبديا ليل بن جرهم بن قحطان ابن نبي اللّه هود عليه السلام عشت من العمر خمسمائة عام و قطعت غور الأرض ظاهرها و باطنها في طلب الثروة و المجد و الملك فلم يكن ذلك ينجيني من الموت و تحته مكتوب:

قد قطعت البلاد في طلب الثر # وة و المجد قالص الأثواب

و سريت البلاد قفر القفر # بقناة و قوة و اكتساب

فأصاب الردى بنات فؤادي # بسهام من المنايا صياب

فانقضت مدتي و أقصر جهلي # و استراحت عواذلي من عتابي

و دفعت السفاه بالحلم لما # نزل الشيب في محل الشباب

صاح هل ريت أو سمعت براع # رد في الضرع ما قرى في الحلاب‌

و إذا في وسط البيت كوم عظيم من الياقوت و اللؤلؤ و الذهب و الفضة و الزبرجد فأخذ منه ما أخذ، ثم علم على الشق بعلامة. و أغلق بابه بالحجارة، و أرسل إلى أبيه بالمال الذي خرج به منه يسترضيه و يستعطفه، و وصل عشيرته كلهم فسادهم و جعل ينفق من ذلك الكنز، و يطعم الناس و يفعل المعروف و كانت جفنته، يأكل منها الراكب على البعير و سقط فيها صبي فغرق و مات و في غريب الحديث لابن قتيبة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «كنت أستظل بظل جفنة عبد اللّه بن جدعان صكة عمي» . يعني في الهاجرة. و سميت الهاجرة صكة عمي لخبر ذكره أبو حنيفة في الأنوار، و هو أن عميا رجل من عدوان، و قيل: من إياد و كان فقيه العرب في الجاهلية فقدم في قومه، معتمرا أو حاجا، فلما كان على مرحلتين من مكة، قال لقومه، و هم في وسط الظهيرة: من أتى مكة غدا في مثل هذا الوقت كان له أجر عمرتين!فصكوا الإبل صكة شديدة حتى أتوا مكة من الغداة.

و عمي تصير أعمى على الترخيم فسميت الظهيرة صكة عمي. و عبد اللّه بن جدعان تيمي يكنى أبا زهير، و هو ابن عم عائشة رضي اللّه تعالى عنها. و لذلك قالت: يا رسول اللّه إن ابن جدعان كان يطعم الطعام و يقري الضيف و يفعل المعروف فهل ينفعه ذلك يوم القيامة؟قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين‌ [3] » . كذا قاله السهيلي في الروض الأنف. و في كتاب ري العاطش و أنس الواحش، لأحمد بن عمار [4] أن ابن جدعان ممن حرم الخمر في الجاهلية، بعد أن كان بها مغرى، و ذلك أنه سكر ليلة فصار يمد يديه و يقبض على ضوء القمر ليأخذه فضحك منه جلساؤه، فأخبر بذلك حين صحا. فحلف أن لا يشربها أبدا. فلما كبر و هرم، أراد بنو تيم أن


[1] ابن مضاض، الحارث، من ملوك الجاهلية من بني جرهم من قحطان.

[2] نفيلة الجرهمي بن عبد المدان من ملوك مكة و الطائف في الجاهلية.

[3] رواه البخاري في الدعوات: 61. و مسلم في الإيمان: 365، و الذكر: 70 و أحمد: 4/417، 50، 270، 6، 93.

[4] ابن عمار: أحمد بن عمار بن أبي العباس المهدوي التميمي مقرئ أندلسي مات سنة 440 هـ-.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 249
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست