responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 48

و قال العتبي:

و لي صاحب سرّي المكتّم عنده # محاريق نيران بليل تحرّق

غدوت على أسراره فكسوتها # ثيابا من الكتمان ما تتخرّق

فمن كانت الأسرار تطفو بصدره # فأسرار صدري بالأحاديث تغرق

فلا تودعنّ الدّهر سرّك أحمقا # فإنّك إن أودعته منه أحمق

و حسبك في ستر الأحاديث واعظا # من القول ما قال الأديب الموفق

إذا ضاق صدر المرء عن سرّ نفسه # فصدر الذي يستودع السّرّ أضيق‌

و قال آخر:

لا يكتم السّرّ إلاّ كلّ ذي خطر # فالسّرّ عند كرام الناس مكتوم

و السّرّ عندي في بيت له غلق # قد ضاع مفتاحه و الباب مردوم‌

قيل: دخل أبو العتاهية [1] على المهدي، و قد ذاع شعره في عتبة، فقال: «ما أحسنت في حبك، و لا أجملت في إذاعة سرك» ، فقال:

من كان يزعم أن سيكتم حبّه # أو يستطيع السّتر فهو كذوب

الحبّ أغلب للرّجال بقهره # من أن يرى للسّرّ فيه نصيب

و إذا بدا سرّ اللّبيب فإنّه # لم يبد إلاّ و الفتى مغلوب

إنّي لأحسد ذا هوى مستحفظا # لم تتّهمه أعين و قلوب‌

فاستحسن المهدي شعره و قال: «قد عذرناك على إذاعة سرك، و وصلناك على حسن عذرك، إن كتمان السر أحسن من إذاعته» . و قال زياد: «لكل مستشير ثقة، و إن الناس قد ابتدعت بهم خصلتان: إذاعة السر، و ترك النصيحة، و ليس للسر موضع إلاّ احد رجلين: إما أخروي يرجو


[1] أبو العتاهية: إسماعيل بن القاسم، ولد في الكوفة، و سكن في بغداد، و اتصل بالخلفاء العباسيين و مدحهم و حظي عندهم. و هو شاعر مكثر مطبوع فياض القريحة سهل اللفظ واضح المعاني، أكثر شعره في الزهديات. عاش بين سنتي 130- 211 هـ.

اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست