responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 59

و لكنّ بالمدينة ثلاثة نفر كانوا أصدقاء لمولاتي، كنت أحبّ أن ينالهم من خير ما صرت إليه!فكتب إلى عامله بالمدينة في أشخاصهم، و أن يعطي كل رجل منهم عشرة آلاف درهم، و أن يعجل بسراحهم إليه؛ ففعل عامل المدينة ذلك؛ فلما وصلوا إلى باب يزيد استؤذن لهم، فأذن لهم و أكرمهم و سألهم‌[عن‌]حوائجهم؛ فأما الاثنان فذكرا حوائجهما فقضاها لهما و أما الثالث فسأله عن حاجته؛ فقال: يا أمير المؤمنين، ما لي حاجة!قال: ويحك!و لم؟أ لست أقدر على حوائجك؟قال: بلى يا أمير المؤمنين، و لكن حاجتي لا أحسبك تقضيها!قال: ويحك!فسلني، فإنك لا تسألني حاجة أقدر عليها إلا قضيتها. قال: و لي الأمان يا أمير المؤمنين؟قال: نعم و كرامة، قال: إن رأيت أن تأمر جاريتك فلانة التي أكرمتنا لها أن تغنّيني ثلاثة أصوات أشرب عليها ثلاثة أرطال، فافعل، قال: فتغير وجه يزيد. و قام من مجلسه، فدخل على الجارية فأعلمها؛ قالت: و ما عليك يا أمير المؤمنين؟أفعل ذلك. فلما كان من الغد أمر بالفتى فأحضر، و أمر بثلاثة كراسي من ذهب فألقيت؛ فقعد يزيد على أحدها، و قعدت الجارية على الآخر، و قعد الفتى على الثالث؛ ثم دعا بطعام فتغدّوا جميعا، ثم دعا بصنوف الرياحين و الطيب فوضعت ثم أمر بثلاثة أرطال فملئت؛ ثم قال للفتى: قل ما بدا لك و سل حاجتك. قال: تأمرها تغني:

لا أستطيع سلّوا عن مودّتها # أو يصنع الحبّ بي فوق الذي صنعا

أدعو إلى هجرها قلبي فيسعدني # حتى إذا قلت هذا صادق نزعا

فامرها فغنّت، فشرب يزيد و شرب الفتى، ثم شربت الجارية؛ ثم أمر بالأرطال فملئت، ثم قال للفتى: سل حاجتك. قال: تأمرها تغني:

تخيّرت من نعمان عود أراكة # لهند، و لكن من يبلّغه هندا؟

ألا عرّجا بي بارك اللّه فيكما # و إن لم تكن هند لأرضكما قصدا

قال: فغنت بهما، و شرب يزيد ثم الفتى ثم الجارية؛ ثم أمر بالأرطال فملئت؛ ثم قال للفتى: سل حاجتك. قال: يا أمير المؤمنين مرها تغني:

منّا الوصال و منكم الهجر # حتى يفرّق بيننا الدهر

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست