responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 5

للفلاسفة

و زعمت الفلاسفة أن النغم فضلّ بقي من المنطق لم يقدر اللسان على استخراجه فاستخرجته الطبيعة بالالحان على الترجيع لا على التقطيع، فلما ظهر عشقته النفس و حنّ إليه الروح؛ و لذلك قال أفلاطون: لا ينبغي ان تمنع النفس من معاشقة بعضها بعضا؛ أ لا ترى ان اهل الصناعات كلّها إذا خافوا الملالة و الفتور على أبدانهم، ترنّموا بالالحان، فاستراحت لها أنفسهم.

و ليس من احد كائنا من كان إلا و هو يطرب من صوت نفسه، و يعجبه طنين رأسه؛ و لو لم يكن من فضل الصوت إلا أنه ليس في الأرض لذة تكتسب من مأكل أو ملبس أو مشرب أو نكاح أو صيد، إلا و فيه معاناة على البدن، و تعب على الجوارح. غيره، لكفى.

و قد يتوصل بالالحان الحسان إلى خير الدنيا و الآخرة؛ ذلك أنها تبعث على مكارم الاخلاق، من اصطناع المعروف، و صلة الرحم، و الذبّ عن الاعراض، و التجاوز عن الذنوب؛ و قد يبكي الرجل بها على خطيئته، و يرق القلب من قسوته، و يتذكر نعيم الملكوت و يمثله في ضميره.

و كان أبو يوسف القاضي ربما حضر مجلس الرشيد و فيه الغناء، فيجعل مكان السرور به بكاء، كأنه يتذكر به نعيم الآخرة!.

لابن أبي داود

و قال أحمد بن أبي داود إن كنت لاسمع الغناء من مخارق عند المعتصم، فيقع علي البكاء!.

حتى إن البهائم لتحنّ إلى الصوت الحسن و تعرف فضله؛ و قال العتابي و ذكر رجلا، فقال: و اللّه إن جليسه لطيب عشرته لأطرب من الإبل على الحداء، و النحل على الغناء.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 5
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست