responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 232

وصل إلى الطفيلي و قد استوفى العدّة، فقال للموكلين: ما هذا؟قالوا و اللّه ما ندري، غير أنا وجدناه مع القوم، فجئنا به. فقال له المأمون: ما قصتك ويلك؟ قال: يا أمير المؤمنين، امرأته طالق إن كان يعرف من احوالهم شيئا، و لا مما يدينون اللّه به؛ إنما انا رجل طفيلي رأيتهم مجتمعين فظننتهم ذاهبين لدعوة!فضحك المأمون و قال: يؤدّب!و كان ابراهيم بن المهدي قائما على رأس المأمون، فقال: يا أمير المؤمنين، هب لي ذنبه، و احدّثك عن حديث عجيب عن نفسي. قال: قل يا ابراهيم، قال: خرجت يا أمير المؤمنين من عندك يوما؛ فطفت في سكك بغداد متطرّبا، فانتهيت إلى موضع، فشممت روائح أبازير قدور قد فاح طيبها، فتاقت نفسي إليها و إلى طيب ريحها، فوقفت على خياط فقلت: لمن هذه الدار؟قال: لرجل من التجار من البزازين. قلت: ما اسمه؟قال: فلان ابن فلان. فنظرت إلى الدار، فإذا بشباك فيها مطلّ، فنظرت إلى كف قد خرجت من الشباك قابضة على عضد و معصم، فشغلني يا أمير المؤمنين حسن الكفّ و المعصم عن رائحة القدور، و بقيت باهتا ساعة؛ ثم أدركني ذهني، فقلت للخياط: أ هو ممن يشرب؟قال: نعم، و أحسب ان عنده اليوم دعوة، و ليس ينادمه إلا تجار عمل مستورون. فبينا أنا كذلك إذ أقبل رجلان نبيلان راكبان من رأس الدرب، فقال الخياط: هؤلاء منادموه. فقلت: ما اسماهما و ما كناهما ؟قال: فلان و فلان. فحركت دابتي و داخلتهما، و قلت: جعلت فداكما، قد استبطأكما ابو غلان أعزه اللّه. و سايرتهما حتى بلغا الباب، فأدخلاني و قدّماني، فدخلنا؛ فلما رآني صاحب المنزل لم يشك أني منهما بسبيل، أو قادم قدمت عليهما من موضع؛ فرحّب بي، و أجلست في أفضل المواضع؛ فجي‌ء بالمائدة و عليها خبز نظيف، و أتينا بتلك الالوان، فكان طعمها أطيب من ريحها؛ فقلت في نفسي: هذه الالوان قد أكلتها، و بقي الكف و المعصم، كيف اصل إلى صاحبتهما؟ثم رفع الطعام، و جاءونا بوضوء، فتوضأنا و صرنا إلى بيت المنادمة، فإذا أشكل بيت يا أمير المؤمنين، و جعل صاحب المنزل يلطف بي و يميل عليّ بالحديث. و جعلوا لا يشكون أن ذلك منه على معرفة متقدمة؛ حتى إذا شربنا أقداحا، خرجت علينا جارية كأنها بان،

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 232
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست