responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 233

تنثني كالخيزران فأقبلت فسلمت غير خجلة، و ثنيت لها وسادة فجلست، و أتى بالعود فوضع في حجرها فجسته، فاستبنت في جسّها حذقها، ثم اندفعت تغني:

توهّمها طرفي فأصبح خدّها # و فيه مكان الوهم من نظري أثر

و صافحها كفّي فآلم كفّها # فمن مسّ كفي في أناملها عقر

فجعلت يا أمير المؤمنين بلابلي تطرب لحسن شعرها، ثم اندفعت تغني:

أشرت إليها: هل عرفت مدّتي؟ # فردّت بطرف العين: إني على العهد

فحدت عن الإظهار عمدا لسرّها # و حادت عن الإظهار أيضا على عمد

فصحت: يا سلام!و جاءني من الطرب ما لا املك نفسي معه؛ ثم اندفعت فغنت الثالث:

أ ليس عجيبا أن بيتا يضمّني # و إياك لا نخلو و لا نتكلم؟

سوى أعين تشكو الهوى بجفونها # و تقطيع أنفاس على النار تضرم

إشارة أفواه و غمز حواجب # و تكسير أجفان و كف يسلّم‌

فحسدتها يا أمير المؤمنين على حذقها و معرفتها بالغناء، و إصابتها لمعنى الشعر، و أنها لم تخرج عن الفنّ الذي ابتدأت به؛ فقلت: بقي عليك يا جارية! فضربت بعودها الارض و قالت: متى كنتم تحضرون مجالسكم البغضاء! فندمت على ما كان مني، و رأيت القوم كأنهم تغيروا لي؛ فقلت: أ ما عندكم عود غير هذا؟ قالوا: بلى.

فأتيت بعود، فأصلحت من شأنه، ثم غنيت:

ما للمنازل لا يجبن حزينا # أ صممن أم قدم المدى فبلينا

راحوا العشيّة روحة منكورة # إن متن متنا أو حيين حيينا

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست