responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 205

و الدماغ هو معدن العقل، و حاسة الحواس و به قوام البدن، و فيه يقول الشاعر:

إذا نزعوا رأسي، و في الرأس أكثري # و غودر عند الملتقى ثمّ سائري...

لاعرابي في الرأس‌

و قيل لاعرابي: أ تحسن أن تأكل الرأس؟قال: نعم؛ أعض العينين، و أفك لحييه، و أنقي خديه، و أرمي بالدماع إلى من هو أحق مني، و كانوا يكرهون أكل الدماغ، و لذا يقول قائلهم.

و لا أبتغي المخّ الذي في الجماجم‌

نصيحة ابي عبد الرحمن لابنه‌

و كان أبو عبد الرحمن يجلس مع ابنه يوم الرأس و يقول له: إياك و نهم الصبيان و بغر [1] السباع، و اخلاق النوائح، و نهش الاعراب، و كل ما بين يديك، فإنما حظك منه ما قابلك، و اعلم أنه إذا كان في الطعام شي‌ء ظريف، من لقمة كريمة، او مضغة شهية، فانما ذلك للشيخ المعظم، و الصبي المدلل، و لست بواحد منهما، و قد قالوا.

مدمن اللحم كمد من الخمر؛ أي بنيّ، لا تخضم خضم البراذين، و لا تدمن الأكل إدمان النعاج، و لا تلقم لقم الجمال، و لا تنهش نهش السباع، و عوّد نفسك الأثرة [2] ، و مجاهدة الهوى و الشهوة؛ فإن اللّه جعلك إنسانا فلا تجعل نفسك بهيمة، و احذر سرعة الكظة و سرف البطنة، فقد قال بعض الحكماء: إذا كنت نهما فعدّ نفسك من الزّمنى؛ و اعلم أن الشّبع داعية البشم، و البشم داعية السقم، و السقم داعية الموت. و من مات هذه الميتة فقد مات ميتة لئيمة؛ لانه قاتل نفسه، و قاتل نفسه الأم من قاتل غيره أي بني، و اللّه ما أدى حق الركوع و السجود ذو كظة و لا خشع للّه ذو بطنة، و الصوم صحة؛ و الوجبات عيش الصالحين أي بني، لأمر ما طالت أعمار الرهبان، و صحت


[1] بغر: شرب فلم يرو فأخذه داء من الشرب.

[2] الأثرة: المكرمة المتوارثة.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 205
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست