اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 204
اللّه، لو دنوت فأصبت معنا!قال: قد و اللّه فعلت. قال الكندي: ما بعد اللّه شيء! قال: فكنفه و اللّه كتافا لو بسط يده لأكل بعده لكان كافرا! قال: و مررت ببعض طرق الكوفة، فإذا أنا برجل يخاصم جارا له، فقلت: ما بالكما؟فقال احدهما: إن صديقا لي زارني و اشتهى عليّ رأسا، فاشتريته له و تغدينا.
فأخذت عظامه فوضعتها عند باب داري اتجمل بها عند جيراني، فجاء هذا و أخذها و وضعها على باب داره، يوهم الناس أنه هو الذي أكل الرأس.
بخيل و ولده
قال رجل من البخلاء لولده: اشتروا لي لحما، فاشتروا له، و أمر بطبخه حتى تهرّأ، فأكل منه حتى انتهت نفسه[و لم يبق إلا العظم]، و شرعت إليه عيون ولده، فقال: ما أنا مطعمه أحدا منكم إلا من أحسن صفة أكله!فقال الاكبر: أ تعرّقه [1]
يا أبت، حتى لا أدع للذرّة فيه مقيلا!قال: لست بصاحبه!فقال الاوسط: أ تعرّقه يا أبت حتى لا يدرى أ لعامه هو أم لعام أول!قال: لست بصاحبه!فقال الاصغر:
أتعرّقه يا أبت، ثم أدقه دقا، و أسفه سفا؟قال: أنت صاحبه، و هو لك دونهم.
الثوري
و قال عمرو بن بحر الجاحظ: كان ابو عبد الرحمن الثوري يعجبه الرءوس و يصفها، و كان يسمّي الرأس عرسا لما فيه من الالوان الطيبة، و ربما سماه الكامل و الجامع؛ و يقول: الرأس شيء واحد، و هو ذو الوان عجيبة و طعوم مختلفة، و الرأس فيه الدماغ، و طعمه مفرد، و فيه العينان، و طعمهما مفرد، و الشحمة التي بين أصل الاذن و مؤخر العين، و طعمها مفرد، على أن هذه الشحمة خاصة أطيب من المخ، و أرطب من الزبد، و أدسم من السلاء؛ و في الرأس اللسان، و طعمه مفرد، و الخيشوم، و الغضروف، و لحم الخدين، و كل شيء من هذه طعمه مفرد؛ و الرأس سيد البدن،