اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 158
الأنبياء يا ضعيف؟و اللّه لو لا أني مقيد لأمرت جبريل يدمدمها [1] عليكم!قال:
فالمقيّد لا تجاب له دعوة؟قال: نعم؛ الأنبياء خاصة إذا قيدت لم يرتفع دعاؤها! فضحك سليمان، و قال له أنا أطلقك و أمر جبريل، فإن أطاعك آمنا بك و صدّقناك.
قال: صدق اللّه: فَلاََ يُؤْمِنُوا حَتََّى يَرَوُا اَلْعَذََابَ اَلْأَلِيمَ[2] !فضحك سليمان، و سأل عنه فشهد عنده أنه ممرور [3] ، فخلى سبيله.
المأمون و آخر
قال ثمامة بن أشرس: شهدت المأمون أتي برجل ادّعى النبوّة و أنه إبراهيم الخليل، فقال المأمون: ما سمعت أجرأ على اللّه من هذا. قلت: أكلّمه. قال: شأنك به.
فقلت له: يا هذا، إنّ إبراهيم كانت له براهين. قال: و ما براهينه؟قلت: أضرمت له نار و ألقي فيها فصارت بردا و سلاما؛ فنحن نضرم لك نارا و نطرحك فيها، فإن كانت عليك بردا كما كانت على إبراهيم آمنّا بك و صدقناك. قال: هات ما هو ألين عليّ من هذا. قال: براهين موسى. قال: و ما كانت براهين موسى؟قال: عصاه التي ألقاها فصارت حية تسعى تلقف [4] ما يأفكون، و ضرب بها البحر فانفلق؛ و بياض يده من غير سوء. قال: هذا أصعب؛ هات ما هو ألين من هذا. قلت: براهين عيسى. قال: و ما براهين عيسى؟قلت: كان يحيي الموتى، و يمشي على الماء، و يبرئ الأكمه و الأبرص. فقال في براهين عيسى جئت بالطامة الكبرى!قلت: لا بدّ من برهان!فقال: ما معي شيء من هذا؛ قد قلت لجبريل: إنكم توجّهوني إلى شياطين، فأعطوني حجة أذهب بها إليهم، و أحتجّ عليهم؛ فغضب و قال: بدأت أنت بالشر قبل كل شيء، اذهب الآن فانظر ما يقول لك القوم. و قال: هذا من الأنبياء لا يصلح إلا للحمر. فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا هاج به مرار، و أعلام ذلك فيه. قال: