فقالت و أرخت جانب السّتر إنما # معي فتحدّث غير ذي رقبة أهلي
فقلت لها ما لي لهم من ترقّب # و لكنّ سرّي ليس يحمله مثلي
حتى انتهى إلى قوله:
فلما توافقنا عرفت الذي بها # كمثل الذي بي حذوك النعل بالنعل
فقال الفرزدق: هذا و اللّه الذي أرادت الشعراء أن تقوله فأخطأته و بكت على الطلول. و إنما عارض بهذا الشعر جميلا في شعره الذي يقول فيه:
خليليّ فيما عشتما هل رأيتما # قتيلا بكى من حبّ قاتله قبلي
فلم يصنع عمر مع جميل شيئا.
لابن عبد ربه:
و من قولنا في رقة التشبيب و الشعر المطبوع الذي ليس بدون ما تقدم ذكره:
صحا القلب إلاّ خطرة تبعث الأسى # لها زفرة موصولة بحنين
بلى ربما حلّت عرى عزماته # سوالف آرام و أعين عين [1]
لواقط حبات القلوب إذا رنت # بسحر عيون و انكسار جفون
و ريط متين الوشى أينع تحته # ثمار صدور لا ثمار غصون [2]
برود كأنوار الرّبيع لبسنها # ثياب تصاب لا ثياب مجون
فرين أديم الليل عن نور أوجه # تجنّ بها الألباب أيّ جنون [3]
وجوه جرى فيها النعيم فكلّلت # بورد خدود يجتنى و عيون
سألبس للأيام درعا من العزا # و إن لم يكن عند اللّقا بحصين
فكيف و لي قلب إذا هبّت الصّبا # أهبّ بشوق في الضّلوع دفين [4]
[1] الآرام: جمع الارم: و هي الحجارة أو نحوها تنصب في المفازة ليهتدى بها.
[2] الريط: جمع الرائطة: و هو كل ثوب لين رقيق.
[3] فرى: شقّ و اجتاز
[4] الصّبا: ريح مهبها من مشرق الشمس اذا استوى الليل و النهار.