و لا أنا ممن يؤثر اللهو قلبه # فأمسي في سكر و أصبح في سكر
و لا قارع باب اليهوديّ موهنا # و قد هجع النّوام من شهوة الخمر
و أوتغه الشيطان حتى أصاره # من الغيّ في بحر أضل من البحر [1]
أغذّ السّرى فيها إذا الشّرب أنكروا # و رهني عند العلج ثوبي من الفجر [2]
كأني لم أسمع كتاب محمد # و ما جاء في التنزيل فيه من الزجر
كفاني من كل الذي اعجبوا به # قليلة ماء تستقي لي من النهر
ففيها شرابي إن عطشت و كل ما # يريد عيالي للعجين و للقدر
بخبز و بقل ليس لحما و انني # عليه كثير الحمد للّه و الشكر
فيا صاحب اللّحمان و الخمر هل ترى # بوجهي إذا عاينت وجهي من ضرّ [3]
و باللّه لو عمّرت تسعين حجة # إلى مثلها ما اشتقت فيها إلى خمر
و لا طربت نفسي إلى مزهر و لا # تحنّن قلبي نحو عود و لا زمر
و قد حدّثوني أن فيها مرارة # و ما حاجة الإنسان في الشرب للمرّ
أخي عدّ ما قاسيته و تقلبت # عليك به الدنيا من الخير و الشر
فهل لك في الدنيا سوى الساعة التي # تكون بها السراء او حاضر الضر
فما ساق منها لا يحس و لا يرى # و ما لم يكن منها عميّ عن الفكر
فطوبى لعبد اخرج اللّه روحه # إليه من الدنيا على عمل البر
و لكنني حدّثت أنّ نفوسهم # هنالك في جاه جليل و في قدر
و أجسادهم لا يأكل الترب لحمها # هنالك لا تبلى الى آخر الدهر
و قال أيضا:
كتبت و شوق لا يفارق مهجتي # و وجدي بكم مستحكم و تذكري [4]
[1] و أوتغه: أي قاده الى التهلكة.
[2] العلج: كل جاف شديد من الرجال.
[3] اللحمان: الذي كثر لحم بدنه. أو اللحم.
[4] الوجد: الشوق الشديد.