اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 6 صفحة : 177
و قد كنا نقول إذا رأينا # لذي جسم يعدّ ذي بيان
كأنك أيها المعطى لسانا # و جسما من بني عبد المدان
و كان بنو حنظلة بن قريع بن عوف بن كعب يقال لهم بنو أنف الناقة يسبّون بهذا الاسم في الجاهلية، و سبب ذلك أن أباهم نحر جزورا و قسم اللحم، فجاء حنظلة و قد فرغ اللحم و بقي الرأس، و كان صبيا، فجعل يجرّه، فقيل له: ما هذا؟فقال: أنف الناقة. فلقّب به، و كانوا يغضبون منه حتى قال فيهم الحطيئة:
سيري أمام فإنّ الأكثرين حصى # و الأكرمين إذا ما ينسبون أبا
قوم هم الانف و الاذناب غيرهم # و من يسوّي بأنف الناقة الذنبا
فعاد هذا الاسم فخرا لهم و شرفا فيهم.
جرير و بنو نمير و كان بنو نمير أشراف قيس و ذوائبها حتى قال جرير فيهم:
فغضّ الطّرف إنك من نمير # فلا كعبا بلغت و لا كلابا [1]
فما بقي نميريّ إلا طأطأ رأسه.
و قال حبيب:
فسوف يزيدكم ضعة هجائي # كما وضع الهجاء بني نمير
الأعشى و المحلق
و قد كان المحلق بن حنتم بن شدّاد خاملا لا يذكر، حتى طرقه الأعشى في فتية و ليس عنده إلا ناقة، فأتى أمّه فقال: إنّ فتية طرقونا الليلة. فإن رأيت أن تأذني في نحر الناقة!قالت: نعم يا بني. فنحرها و اشترى لهم ببعض لحمها شرابا، و شوى لهم بعض لحمها، فأصبح الاعشى و من معه غادين، فلم يشعر المحلّق حتى أتته القصيدة التي أوّلها:
أرقت و ما هذا السّهاد المؤرّق # و ما بي من سقم و ما بي معشق