لعمري لقد لاحت عيون كثيرة # إلى ضوء نار في بقاع تحرّق [1]
تشبّ لمقرورين يصطليانها # و بات على النار النّدى و المحلق [2]
رضيعي لبان ثدي أم تقاسما # بأسحم داج عوض لا نتفرّق [3]
ترى الجود يسري سائلا فوق وجهه # كما زان متن الهندو انّي رونق
فلما أتته القصيدة جعلت الاشراف تخطب اليه، و يقول القائل:
و بات على النار الندى و المحلق
و قوله: «تقاسما بأسحم داج» ، يقول: تحالفا على الرماد، و هذا شيء تفعله الفرس لئلا يفترقوا أبدا. و العوض: الدهر.
ما يعاب من الشعر و ليس بعيب
لحماد
قال الاصمعي: سمعت حماد الراوية و أنشد رجل بيتا لحسان:
يغشون حتى ما تهرّ كلابهم # لا يسألون عن السّواد المقبل [4]
فقال: ما يعرف هذا الا في كلاب الحانات.
و أنشده آخر قول الشاعر:
لمن منزل بين المذانب و الجسر [5]
فقال: ما يعرف هذا الا دار الياسيريين [6] .
[1] تحرّق: توقد و تلتهب.
[2] المقرور: الذي أصابه البرد.
[3] بأسحم داج: يريد سواد حلمة ثدي أمه. و يقال: عوض لا أفعله، يحلف الدهر و الزمان.
[4] تهرّ الكلاب: تنبح و تكشر عن أنيابها.
[5] المذانب: جمع مذنب، و هو مسيل الماء.
[6] معنى هذا اللفظ غير واضح.